تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في نفقة الأقارب والأرقاء والبهائم، وما يتعلق بذلك من سد رمق المضطر، وإنفاق الشريك ونحوه على ما في يده لغيره بإذن الشرع

صفحة 691 - الجزء 3

  فقال ÷: «أنت ومالك لأبيك، أنت ومالك لأبيك، أنت ومالك لأبيك» ثلاثاً، فهذا تصريح بأنه يجوز له أن يتناول من مال ابنه ما يكفيه، والله أعلم.

[إنفاق سائر القرابات]:

  الصنف الثالث: إنفاق سائر القرابات وقد شمل ذلك قوله #: (وعلى كل موسر) ولو صغيرّاً أو مجنوناً (نفقة) كل (معسر) وسواء كان المعسر غير كسوب أو كسوباً، كبيراً أم صغيراً، قوياً أم ضعيفاً، فتجب نفقته على الموسر بشرطين:

  الأول: أن يكون ذلك المعسر (على ملته) يعني: على ملة الموسر، وأما إذا لم يكن على ملته فلا يجب عليه إنفاقه ولو صغيراً فقيراً، أعني: المنفق عليه. وهذا الشرط في غير الأبوين، وأما هما فلا يعتبر في حقهما كما عرفت ذلك مما مر.

  الشرط الثاني: أن يكون ذلك الموسر (يرثه) يعني: يرث ذلك المعسر، ومن جملتهم الأولاد الكبار والأجداد فنفقتهما من باب إنفاق سائر القرابة، لا كالأبوين، فيعتبر [فيهم]⁣(⁣١) أن يكون الفقير منهم على ملة منفقه الغني، ويعتبر أن يكون إرث الموسر له (بالنسب) لا بالسبب، كالمعتق والزوجة لزوجها فلا يجب عليهما وإن كانا يرثان المعتق والزوج. ويعتبر أيضاً أن يكون وارثاً له حال الإنفاق لا يسقطه من الإرث أحد، فمهما كان كذلك وجب عليه إنفاقه، وسواء ورثه بعد أم لا بأن سقط أو مات قبله، فإن كان ساقطاً حال المطالبة لم يلزمه إنفاقه وإن ورثه من بعد ومات قبله ولا مسقط للموسر. وهو يقال على قوله: «على ملته»: إنما زاد الإمام قوله: «على ملته» مع أنه يكفي قوله: «يرثه» إذ لا يرثه إلا على ملته، ليخرج وارث المرتد فإنه يرثه وارثه المسلم ولا يجب عليه إنفاقه؛ لاختلاف الملة، فعرفت الاحتياج إلى القيدين معاً، وكذا لا يلزم المرتد لو كان موسراً ومن يرثه لو كان هو مسلماً معسراً إنفاقه؛ لاختلاف الملة أيضاً، وهو يخرج من القيدين جميعاً؛ إذ لا يرثه حال الإنفاق وليس على ملته، فافهم، والله أعلم.


(١) ساقط من (ج).