(فصل): في أحكام تتعلق بالديون:
  له في ذلك سفتجة ويقبض منه ما يريد حمله قرضاً ويأخذ عوضه من مال المستقرض الذي في البلد الآخر، فيأمنا جميعاً من خوف الطريق ويسلما من مؤنة النقل جميعاً، وهذا جائز؛ لاستواء المنفعتين، فتأمل، والله أعلم.
  ويجيئ «ومقبَّض السفتجة» بفتح الباء، فيكون أميناً فيما قبض لا بنية الاستقراض، ضمين فيما قبض بنية ذلك، وصورته: أن يكون لشخص مال في بلد فيكتب لغيره كتاباً يقبضه ممن هو عنده أمانة يوصله إليه أولًا، وأذن له بالاقتراض منه إن أراد مما قبضه ذلك المقبض لا بنية الاقتراض، فهو معه بحسب ما هو عليه من أمين أو أجير على الإيصال أو مستعير أو غير ذلك، ضمين فيما قبضه من المال بنية القرض منه بحسب ما قد أذن له صاحبه. وإذا أضرب عن الاقتراض بعد النقل بنيته لم يكن لإضرابه فائدة، فقد صار ملكاً له مضموناً بمثله، إلا أن يؤذن له بالرد إن أضرب كذلك، فتأمل، والله أعلم.
(فصل): في أحكام تتعلق بالديون(١):
  (وليس لمن تعذر عليه استيفاء حقه حبس حق خصمه) فمن كان له مال عند غيره عيناً أو ديناً، غصباً أو نحوه، ولذلك الغير عنده عين(٢) برضاه أو بغير رضاه - لم يجز له حبس هذه العين بما له عند الآخر، وسواء كان الذي له عنده مختلفاً فيه كميراث ذوي الأرحام أو مجمعاً عليه، وسواء كانت العين التي في يده من جنس ما له عند الآخر أو من غير جنسه، ولو تعذر عليه استيفاء ماله من عند الآخر، كما لا يجوز له حبسه عند عدم تعذر الاستيفاء؛ لقوله ÷: «ولا تخن من خانك»، وإن جاز له أخذ ماله من عند الآخر ولو كرهاً ولو دافع في أخذه بالقتل فذلك عين ماله فلا يسوغ له فيما في يد الغير الحبس ولا الاستيفاء، والله أعلم. (ولا) يجوز له(٣) (استيفاؤه) بأن يأخذه بحقه لتمرد غريمه من تسليم ماله، ولو كان أيضاً مجمعاً عليه،
(١) في المخطوطات: بالديونات.
(٢) في (ج): «دين».
(٣) في المخطوطات: ولا كذلك يجوز له.