تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الصيد)

صفحة 528 - الجزء 5

(باب الصيد)

  الأصل فيه قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ}⁣[المائدة ٤] والجوارح: ما يصاد بها، فمن غير الطير الكلب والفهد والنمر والأسد والذئب، وجوارح الطير: الصقر والشاهين والباز والعجزاء، وهي العقاب. والمعنى في الآية الكريمة: وأحل لكم صيد ما علمتم من الجوارح، والجوارح: الكواسب من سباع البهائم والطير. و {مُكَلِّبِينَ} حال، ومعناه حال كونكم مؤدبين لها، واشتقاقه من الكلب؛ لأن التأديب يكثر في الكلاب، وقوله تعالى: {مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ}⁣[المائدة ٤] من علم التكليب؛ لأنه⁣(⁣١) إلهام من الله تعالى.

  والسنة قوله ÷: «أحل لكم ميتتان ودمان» وهما: الجراد والسمك، والكبد والطحال. وقوله ÷: «الطير في أوكارها آمنة بأمان الله، فإذا طارت فانصب لها فخك - وهو المحناب - وتمامه: وارمها⁣(⁣٢) بسهمك» فالاستدلال في قوله: «فارمها، وانصب⁣(⁣٣)» فالأمر للإباحة؛ فدل على الجواز.

  فائدة: دل الحديث على عدم اصطياد الطير في وكره، ولعله يلحق به سائر السباع التي تصاد، ومثل ذلك بيضها فيحرم أخذه من الوكر؛ إذ في ذلك إفزاع له.

  فَرْعٌ: فإن كان الوكر مثلاً في بئر جاز الاصطياد من هواء تلك البئر بعد خروج الطير من وكره؛ إذ لم يكن بعد خروجها محرماً وإن لم تكن قد خرجت إلى الصحراء، [وما جاء في حديث «فإذا أصحرت» فهو تعبير بالغالب وهو الطيران في الصحراء]⁣(⁣٤) فلا أخذ بمفهومه.

  فَرْعٌ: فإن أخذت الطير من الوكر حل الأكل وإن كان الاصطياد محرماً، ويرتفع الأمان بحصول الضرر منها في ذلك الوكر، كأن تكون في مسجد أو في مكان يتضرر


(١) في المخطوطات: لأنها. والمثبت من هامش شرح الأزهار (٨/ ١٦٤).

(٢) في (ج): «وأرسلها»

(٣) كذا في المخطوطات بإدخال الفاء على «ارمها» والواو على «انصب» عكس ما في الحديث.

(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).