تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في حكم الرجوع عن الإقرار وألفاظ تقتضي ذلك

صفحة 717 - الجزء 5

(فصل): في حكم الرجوع عن الإقرار وألفاظ⁣(⁣١) تقتضي ذلك

  (و) اعلم أن الإقرار (لا يصح الرجوع عنه) بحال (إلا) أن يكون (في حق لله تعالى) إذا كان ذلك الذي لله (يسقط بالشبهة) كحد الزنا، لو أقر بالزنا حتى وجب الحد عليه صح رجوعه عن الإقرار؛ إذ الحد حق لله تعالى وهو يسقط بالشبهة، ومثله التعزير، وكذا السرقة لو أقر بها ورجع صح رجوعه في سقوط القطع لا المال، وشرب الخمر أيضاً، فهذه يصح رجوعه عنها ويسقط الحد؛ لما ذكر. لا إن كان حقّاً لله تعالى وهو لا يسقط بالشبهة، كأصل الوقف وغلته التي ليست لمصرف معين فلا يصح الرجوع في الإقرار بذلك، لا إن كانت لمعين فهو يصح الرجوع عن الإقرار بها مع المصادقة كسائر حقوق الآدميين. ومثل ذلك الزكاة والخمس، والحرية الأصلية [نحو] أن يقر أنه ابنه، والطارئة وهو أن يقر أنه قد أعتقه، فهذه لا يصح الرجوع فيها (أو) كان الإقرار بحق آدمي صح من الرجوع عنه (ما صودق فيه) المقر، لا ما لم يصادق في الرجوع عنه فلا يصح ولو قبل أن يصادق المقر له بالإقرار، فإن أقر لزيد بدين أو عين ثم رجع بأن قال: «ذلك الإقرار غير صحيح» فإذا لم يصدقه المقر له في الرجوع لم يصح، وإن صادقه بأن قال: صدقت إقرارك غير صحيح صح الرجوع عن الإقرار وبطل حكمه. وكذا النسب والنكاح والطلاق الرجعي، فإذا رجع المقر بشيء منها وصادقه المقر له صح الرجوع وبطل حكمه؛ فلا يترتب عليه شيء من أحكام النسب والنكاح والطلاق، ولا تعد طلقة لو صادقته الزوجة على عدم الطلاق بعد رجوعه عن الإقرار بالطلاق الرجعي، فتأمل.

  ومن ذلك: الرجوع عن الإقرار بالقذف، فإذا صادقه المقذوف في الرجوع عن الإقرار به بقوله: «صدقت لم تقذفني» صح الرجوع، ولا يحد القاذف، وسواء كان الرجوع والتصديق قبل المرافعة إلى الحاكم أو بعدها، فليس كالعفو.


(١) كذا في المخطوطات.