(باب التفليس والحجر)
  وسواء كان قد قبض أم لا، والمراد أنه إذا كان الأصل مصادقاً بالدين فالقول للمدعي أنه حويل، وسواء كان قد قبض أم لا، وهذا (مع لفظها) يعني: لفظ الحوالة، إما بإقامة البينة أو بمصادقة الأصل أنه أتى بلفظها. وذلك لأنه إذا أتى بلفظها وأقر بثبوت الدين فالظاهر الحوالة، وإن كان منكراً للدين فالظاهر عدم الحوالة ولو أتى بلفظها، وإن كان مقراً بالدين ولم يأتِ بلفظ الحوالة فالظاهر الوكالة، وإن اختلفا هل أتى بلفظ الوكالة أم بلفظ الحوالة فالقول قول المحيل، يعني: الأصل.
  فإن كانت الدعوى بالعكس، وهو أن ادعى القابض أنه وكيل وادعى الأصل أنه حويل فالقول للقابض أنه وكيل بالقبض، سواء أتى بلفظها أم لا، والله أعلم.
(باب التفليس والحجر)
  أخذ التفليس من الفلس؛ إما لأن صاحبه يتصرف به(١)، أو يقال: لا يجد فلساً، أو لكون الفلوس أحقر مال الرجل. وحقيقة المفلس في الاصطلاح ستأتي قريباً، (و) حقيقة (المعسر) لغة: مشتق من العسر؛ لأنه يعسر عليه التصرف لقضاء حوائجه، وفي الاصطلاح: (هو من لا يملك شيئاً غير ما استثني) في هذا الباب - لا ما في الزكاة - ولا دين عليه.
  (و) أما حقيقة (المفلس) فهو: (من لا يفي ماله بدينه) وإن كثر ماله كالظلمة.
  وبين حقيقة المفلس والمعسر عموم وخصوص من وجه، يجتمعان في مادة وينفرد كل واحد منهما في مادة، أما صورة اجتماعهما فهي إذا لم يجد الشخص إلا ما استثني له وهو لا يفي ماله بدينه.
  (و) اعلم أنه (يقبل قول من) ادعى أنه معسر ليأخذ زكاة أو نحوها، أو ادعى
(١) لفظ شرح الأزهار (٨/ ٦٥٦): مشتق من الفلوس لأحد وجوه ثلاثة: إما لأنها أحقر مال الرجل، فكأنه إذا أفلس منع عن التصرف في ماله إلا في الحقير، أو لأنه إذا أفلس صارت دراهمه زيوفاً وفلوساً، أو لأنه انتهى إلى حال يقال له فيها: ليس معه فلس.