تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ما ينفذ من الأحكام ظاهرا وباطنا، وما لا ينفذ إلا في الظاهر فقط

صفحة 236 - الجزء 6

(فصل): في بيان ما ينفذ من الأحكام ظاهراً وباطناً، وما لا ينفذ إلا في الظاهر فقط

  (و) اعلم أن (حكمه) يعني: حكم الحاكم (في الإيقاع) وهو ما ابتدأ الحاكم إيقاعه ولم يكن قد حصل من قبل (و) كذا (الظنيات) ففي هذين الأمرين (ينفذ) حكم الحاكم (ظاهراً وباطناً) أما الإيقاع فله صور، منها: بيع مال المفلس، فإذا باع الحاكم من ماله شيئاً نفذ البيع ظاهراً وباطناً، بمعنى يطيب لمن صارت العين في يده ظاهراً وباطناً؛ لأنه إن كان موسراً في الباطن فقد صار متمرداً، والحكم عليه جائز، وإن كان معسراً فللحاكم أن يقضي عنه إن امتنع.

  ومنها: الفسخ بين المتلاعنين لو ترافعا إلى الحاكم وفسخ الحاكم النكاح انفسخ ظاهراً وباطناً ولو كان الزوج في الباطن كاذباً، لا النسب فلا يرتفع⁣(⁣١) في الباطن لو كان الزوج كاذباً.

  ومنها: الحكم بتمليك العين المشفوعة للشافع، فإذا كانت شفعته قد بطلت في الباطن فإما بأمر مبطل إجماعاً كالإسقاط لها، فإذا حكم له بها لم ينفذ باطناً، وإن كانت قد بطلت في الباطن بمختلف فيه - نحو التراخي - [فإنه ينفذ الحكم ظاهراً وباطناً، وسواء كان مذهبه عدم البطلان بذلك أو يقر به⁣(⁣٢)، وسواء جهل]⁣(⁣٣) ذلك أو علم، يعني: علم أن الشفعة في مذهبه قد بطلت فلا يضر ذلك العلم وينفذ الحكم بها في الباطن.

  ومنها: إيجاب المال في جناية الخطأ على العواقل، والمراد إذا كانت المسألة مختلفاً فيها، كأن يقول بعض العلماء: إنها خطأ وبعضهم عمد، فإذا حكم الحاكم أنها خطأ وأن المال على العواقل نفد الحكم ظاهراً وباطناً، ولا يتوهم أن المراد أن الجناية عمد ظاهرها الخطأ وحكم الحاكم بها على العواقل أنه ينفذ الحكم في الباطن إن جهل الجاني؛ لأنا نقول: أما إذا كانت عمداً فلا تحملها العاقلة ولو


(١) لفظ البيان (٦/ ١٤٠): فلا ينتفي.

(٢) كذا في المخطوطتين.

(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).