تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ماهية التعزير، ومن يعزر، وبما يعزر

صفحة 325 - الجزء 6

(فصل): في بيان ماهية التعزير، ومن يعزِّر، وبما يعزر

  (و) اعلم أن لفظ (التعزير) مشترك من أسماء الأضداد؛ إذ يطلق على التعظيم، ومنه قوله تعالى: {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}⁣[الفتح ٩]، ويطلق على الإهانة، وهو المراد هنا.

  وأما من يعزر فأمر التعزير (إلى كل ذي ولاية) من إمام أو حاكم أو محتسب أو منصوب من باب الصلاحية لذلك ولو من سائر المسلمين. ويثبت للسيد تعزير عبده، والزوج زوجته في النشوز فقط على حد ما جاء في الآية الكريمة: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}⁣[النساء ٣٤]؛ إذ قد يقع التعزير بالترك لصاحب المعصية، بخلاف الوالد والمعلم فليس لهما تعزير الولد والمعلَّم؛ لأنه إن كان كبيراً فلا ولاية لهما عليه، وإن كان صغيراً فلا يستحق التعزير؛ لعدم المعصية منه، بل التأديب المستحسن غير المبرح، فالتعزير يخالف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنهما لا يحتاجان فيهما إلى ولاية، بل هما واجبان على كل مسلم إما فرض عين أو كفاية على الجماعة.

  فَرْعٌ: ويثبت التعزير بشهادة عدلين أصلين على مرتكب المعصية الموجبة للتعزير - ولا يكفي واحد ولا الفروع، وينظر في المرأتين مع الرجل؟ لعله لا يكفي - أو علم الحاكم، أو إقرار المعزَّر بفعل المعصية التي توجب التعزير، ولعله يكفي مرة.

  وهو واجب على أهل الولايات إقامته؛ لأنه شرع للزجر، ووجوبه على الإمام أو حاكمه إن رفع إليه⁣(⁣١)، ويجب على غيره من باب النهي عن المنكر. ويسقط بالتوبة في غير حق الآدمي ولو بعد الترافع؛ إذ لم يعزر النبي ÷ من أتاه تائباً من جماعه في رمضان، بل أعانه على التكفير، ولا من أقر بمباشرة امرأة أجنبية من غير وطء، روي أن رجلاً أتاه فقال: يا رسول الله، إني وجدت امرأة في هذا


(١) في حقوق الآدميين±، لا في حقوق الله فلا يعتبر الرفع. (é) (من هامش شرح الأزهار ٩/ ١٧٩).