تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): بيان أسباب الردة وحكم المرتد

صفحة 643 - الجزء 6

  ذلك. قال النووي: وقيل: أسلم قبل الهجرة، وكان يكتم إسلامه مقيماً بمكة يكتب بأخبار المشركين إلى رسول الله ÷، وكان عوناً للمسلمين المستضعفين بمكة، قالوا: وأراد القدوم إلى المدينة فقال له النبي ÷: «مقامك بمكة خير»، روينا هذا في مسند أبي يعلى الموصلي عن سهل بن سعد الساعدي. انتهى كلام النووي، والله أعلم.

  (أو) يترك المكلف الهجرة (لعذر) يحصل له فإنه لا يأثم بذلك، قال تعالى: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً ٩٨}⁣[النساء] فإذا كان المكلف مريضاً أو محبوساً أو خائفاً من سبيله أو ذا عاهة أو كبر سن بحيث لا يستمسك على المحمل مستلقياً لم يأثم بعدم هجرته. وينظر هل من العذر خشية التكفف للناس هو وعائلته أو باشتغاله⁣(⁣١) بالتكسب لهم أو لنفسه؟ لعل ذلك لا يكون عذراً كما مر في التنبيه، فتأمل.

  (ويتضيق) وجوب الهجرة (بأمر الإمام) لذلك المكلف بها، فلا يجوز له تركها بعد طلب الإمام له بها وإن كان ثمة مصلحة في وقوفه عن الهجرة؛ إذ نظر الإمام أولى من نظره في المصالح الدينية، لا مع العذر الذي يرجع إلى نفس المكلف؛ إذ به تسقط سائر الواجبات، وكذا امتثال أمر الإمام إذا كان عذراً يبيح ترك الواجب، فليتأمل، والله [أعلم]، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

(فصل): بيان أسباب الردة وحكم المرتد

  (و) اعلم أن أسباب (الردة) أربعة: إما (باعتقاد) كفري من مكلف، ويدخل في ذلك السكران فتقع ردته، لا الصبي فلا يصح إسلامه ولا ردته؛ إذ لو صحت ردته لقتل، ولو صح إسلامه للزمته التكاليف الشرعية. والاعتقاد الكفري كأن يعتقد أن الله ثالث ثلاثة، أو أن المسيح أو عزيراً ابن الله، أو يكذب نبياً، أو كذب بنبي كالإنكار لعيسى أو غيره من سائر الأنبياء، ومن ذلك أن يقول: إن المعاد -


(١) كذا في المخطوطات. والصواب حذف الباء.