تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان من لا تحل له الزكاة (و) من لا يجزئ صرفها فيه

صفحة 257 - الجزء 2

  ومن ذلك التعريض فإنه لا بأس به للفقير، فيعرض بقوله: هل عليكم واجب أو نحو ذلك، ومن ذلك أن يسأل الفقير لنفسه من الزكاة لنفقة نفسه وزوجاته وأبويه العاجزين المعسرين وأولاده الصغار، فإن السؤال مع ذلك جائز، وذلك قدر ما يسدهم إلى الغلة أو السنة ما لم يصر بذلك غنيًّا، لا لقضاء دينه؛ إذ هو معذور؛ لقوله تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}⁣[البقرة ٢٨٠]. وأما السؤال من غير الزكاة فلا يجوز إلا لقوت يومه وستر عورته وأولاده الصغار وأبويه العاجزين وزوجته.

  فَرْعٌ: وإذا سأل حيث لا يجوز له السؤال وأعطي ملك ذلك المعطى وأجزأ صارفه عن الزكاة، وذلك يدل على أنها ليست معصية توجب الفسق فلا يصح الصرف. لا يقال: هو ملكه من وجه محظور فلا يحل له كالرشوة؛ إذ المعصية منفصلة عن المعطى، وهو السؤال، بخلاف الرشوة فهي نفس المعصية. لا يقال: كان الأولى في عبارة الأزهار أن يقال: «ويجوز السؤال غالباً»؛ لكثرة صور الجواز، - فهو إنما فعل كذلك⁣(⁣١) لما في السؤال من الخطر، وقد يتجاسر عليه في بعض الأحوال مع الغنية، فنبه على خطره أولاً بالمنع بقوله: «ويحرم ... إلخ» فتأمل، والحمد لله رب العالمين.

(فصل): في بيان من لا تحل له الزكاة (و) من لا يجزئ صرفها فيه

  اعلم أن الزكاة ونحوها من سائر الكفارات الواجبات، ويدخل في ذلك كفارة الصلاة عند من يرى وجوبها (لا تحل) لأحد خمسة أشخاص:

  الأول: قوله |: (لكافر) تصريحاً أو تأويلاً، ولا يصح أيضاً أن يكون عاملاً؛ أذ يُعطى منها، ولأنه يكون له بذلك سبيل {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ١٤١}⁣[النساء ١٤١]، (و) كذا (من له حكمه) يعني: حكم الكافر، وهم أطفال الكفار؛ إذ حكمهم حكم آبائهم في عدم جواز الصرف إليهم وسائر أحكام الكفر في الدنيا، إلا أن يحكم لهم بالإسلام، وذلك بإسلام أحد أبويه، أو بكونه في دارنا دونهما بموت أو غيبة، أو يبلغ ويظهر كلمة الإسلام، [فلا يكفي بلوغه وعدم إظهار الكفر


(١) في (ج): «ذلك».