[فوائد من سورة الحج]
  الله حق جهاده هو الجد والتشمير في امتثال ما أمر الله به والانتهاء عما نها عنه، والاستقامة على ذلك، وهذا الأمر هو أمر عام يدخل تحته كل ما تضمنته الأوامر الأولى، إلا أن في هذا الأمر تأكيداً زائداً على ما في الأوامر الأولى، وذلك من حيث كان الأمر هنا بلفظ الجهاد، ولفظ الجهاد يعطي فائدة زائدة؛ لأن الجهاد هو إبلاغ الجهد في تحصيل الأمر، فكأنه تعالى قال في هذا الأمر الأخير: وأبلغوا الجهد وشمروا غاية التشمير وجدوا غاية الجد في تحصيل ما أمرتكم به من العبادة وترك ما نهيتكم عنه، وليكن ذلك منكم بنية صالحة مخلصة لله تعالى لا يشوبها شائب ولا يخالطها مخالط.
  ومقصودنا بما ذكرنا من أن الصلاة والركوع والسجود أفضل العبادات هو أن ذلك بعد الإيمان إذ الإيمان هو في الدرجة الأولى على الإطلاق، والصلاة أفضل أعمال المؤمنين.
  ٥ - وقوله تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا ...}[الحج: ٧٨]: يفيد أن الركوع والسجود والصلاة وعبادة الله وفعل الخير والجهاد في الله حق جهاده - أن كل ذلك ملة إبراهيم # ودينه الذي جاء به من عند الله، وأنتم أيها المسلمون أبناء إبراهيم # وذريته فأنتم أولى الناس بأن تحيوا ملته، وتنصروا دينه.
  بالإضافة إلى أن أباكم إبراهيم # قد سماكم المسلمين من قبل أن تخلقوا، وذلك حين هاجر بابنه إسماعيل وأم إسماعيل إلى مكة، وكان من دعائه # ومن دعاء ابنه إسماعيل # حين كانا يبنيان الكعبة - ما حكى الله تعالى في قوله: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ١٢٧ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ١٢٨}[البقرة]، فلا أحد أولى منكم يا ذرية إبراهيم بإحياء ملته ونصرة