[فوائد من سورة النور]
[فوائد من سورة النور]
  · قال تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٢٤}[النور]:
  يظهر لي - والله أعلم - أنه يصح تفسير هذه الشهادة، وبيان معناها - بأن الله تعالى يري العصاة صور أقوالهم وأعمالهم، التي عملوها بأيديهم وأرجلهم، صوراً مرئية يرون في تلك الصور ما عملوه وقالوه، على وجه أبلغ وأدق وأصدق مما نراه على شاشات التلفزيون والفيديو والكمبيوتر؛ فإذا رأوا الصور المعروضة لهم يوم القيامة التي تحكي ما عملوا وقالوا - علموا هناك صحتها، وعلم الناظرون إليها من أهل الموقف صحتها وتيقنوها، وسمي ذلك شهادة؛ لأنه يتبين ويظهر بها صحة دعوى ملائكة الرحمن على العبد العاصي.
  فإن قيل: فهل يحكم الحاكم اليوم على أحد المتنازعين عنده إذا بين الخصم على دعواه بصور مرئية تصدق دعواه، أو أشرطة صوتيه تحكي اعترافه؟
  قلنا: إذا عرف الحاكم من قِبَل الخبراء العدول أن هذه الصورة التي استشهد بها الخصم صورة أصلية، وتحققوا أنه لم يدخلها تعديل ولا تحريف، وتيقنوا ذلك بما لهم من المعرفة والخبرة في ذلك المجال - فإن على الحاكم أن يحكم عليها، ويستند إليها.
  فإن لم يشهد الخبراء على صحتها، وأنه لم يدخلها تغيير - فلا يجوز الاستناد إليها، ولا يحكم بموجبها؛ لأن الصور المعروضة على الشاشات يدخلها التغيير والتزوير والتبديل و ... إلخ.
  أما الصوت المسجل فلا يجوز الاعتماد عليه في الحكم؛ لأن تقليد الأصوات وحكاياتها كثير شايع، إلا إذا عرف الحاكم وتيقن أنه صوت المدعى عليه، ولكنه لا يعرف ذلك إلا إذا كان يعرف صوت المدعى عليه من قبل لكثرة الاختلاط به، وطول صحبته، والاجتماع معه، بحيث لا يخفى عليه صوته