[فوائد من سورة الأحزاب]
  وأرى أنه حصل للعوام ذلك من العلماء المحققين عوضاً عن معنى القدر الذي لم يتوصلوا هم إلى فهمه وبدلاً عنه، ألجأتهم الضرورة إلى ذلك، وعند الضرورة تباح المحظورات.
  فترى اليوم جماهير أهل السنة يقولون إن الزيدية والشيعة والمعتزلة ينكرون علم الله أو قدرة الله، ويكفرونهم بذلك، وحاشا الزيدية والمعتزلة والشيعة من تلك التهمة الباطلة.
  · قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ}[الأحزاب: ٣٩]:
  ليس معنى ذلك أن رسل الله À لا تدخل إلى قلوبهم المخاوف الطبيعية كالخوف من العدو، والخوف من قالة الناس، والخوف من السباع والهوام، و ... إلخ؛ لأن الخوف والوجل طبيعة بشرية طبع الله تعالى عليها البشر بما فيهم الأنبياء والرسل À.
  بل معنى الآية –والله أعلم - أن الرسل À يطيعون الله تعالى في كل ما أمر ونهى، لا يفرطون في شيء من ذلك، فلا يتركون واجباً أوجبه الله عليهم لخوف أحد، ويؤثرون مخافة الله تعالى على مخافة غيره.
  وقد كان رسول الله ÷ يخاف مشركي قريش إلا أنه ÷ لم يترك ما أمره الله تعالى به من تبليغ الرسالة لأجل خوفه منهم.
  وقد خرج رسول الله ÷ من مكة بعد موت عمه أبي طالب خوفاً من قريش ولم يدخل مكة إلا بجوار بعض كبراء قريش وهو المطعم بن عدي، ثم خرج ÷ منها خائفاً مستخفياً في غار حراء.
  وقد كان المشركون يضاعفون المخاوف على رسول الله ÷ من أجل أن يتنازل عن دينه، ويرجع إلى دينهم، فلم تصده مخاوفهم عن دينه، ولم يتنازل؛ لأنه ÷ يعلم أن طاعة الله أولى من طاعتهم، ومخافته أولى من