زبر من الفوائد القرآنية ونوادر من الفرائد والفرائد القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[فوائد من سورة المزمل]

صفحة 249 - الجزء 1

  أمر الله تعالى نبيه ÷ بالقيام لصلاة الليل، وعلل ذلك بأن له ÷ في النهار أعمال طويلة وشواغل وتعرض له فيه حاجات كثيرة إلى درجة أنه لا يمكنه أن يتفرغ فيه لنوافل الصلاة ولا يكاد فكره يخلو فيه من القلق والانزعاج والاضطراب، ولا يصفو ذهنه للتدبر فيه لمزاحمة الحاجات والمطالب والأشغال.

  {سَبْحًا طَوِيلًا ٧} أي: ذهاباً طويلاً في الأعمال والأشغال الدينية والدنيوية.

  {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ٨}:

  {اسْمَ رَبِّكَ} أي: أسماء ربك لما ذكروا من أن اسم الجنس المضاف يفيد العموم.

  والدليل على إفادته للعموم قوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ}⁣[المائدة ١]، فبهيمة اسم جنس مضاف يفيد العموم لوقوع الاستثناء بعده، والاستثناء دليل العموم، فيكون المعنى: اذكر أسماء ربك، وأمر بذكرها لما تحمله من المعاني الدالة على كمال الله وجلاله وعظمته ورحمته وسعة علمه وقدرته وعزته وكرمه ... إلخ.

  وفي ذكرها وذكر ما تحمله من المعاني ما يملأ نفس الذاكر من الإيمان بالله والهيبة منه والتعظيم له والحمد له، وتقديسه والشكر له، ثم الإقبال عليه بالخضوع والخشوع والتوبة والاستغفار والخوف و ... إلخ.

  {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} المعنى: وانقطع إليه انقطاعاً بجد وعزيمة صادقة لا تلتفت إلى ما سواه.

  {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا}:

  ثم استأنف تعالى القول لرسوله ÷ بأن ربك هو رب المشرق والمغرب، والمراد:

  ١ - أنه رب أهل المشرق وأهل المغرب.

  ٢ - أو أنه رب المكان الذي تشرق منه الشمس، ورب المكان الذي تغرب منه.

  ثم وصفه بأنه لا إله إلا هو لا شريك له ولا رب سواه، وإذا كان كذلك فإنه أهل لأن نتوكل عليه ونعتمد عليه ونلتجئ إليه دون ما سواه؛ لأن القوة له جميعاً، وله الملك كله، وبيده الخير، وهو على كل شيء قدير.