[المنافقون في سورة التوبة]
  القسم الثاني وهم النبي ÷ وعدد قليل لم يتجاوز العشرة فثبتوا للعدو، وقاتلوا قتالاً شديداً؛ فأنزل الله سكينته عليهم، وأنزل جنوداً تؤيدهم؛ فصبروا على القتال، وأوغلوا في قتل العدو حتى أنزل الله تعالى عليهم نصره.
  ٢٨ - وفي هذه الآيات أن الله تعالى سيتوب على بعض الكافرين الذين حاربهم الرسول ÷ يوم حنين، وذلك إذا أسلموا وحسن إسلامهم وصدقت نياتهم، وأنه سيتوب على بعض المعجبين بأنفسهم يوم حنين الذين ولوا مدبرين، وتركوا رسول الله ÷ في وسط العدو راغبين بأنفسهم عن نفسه، وذلك إذا تابوا إلى الله وخلصت نياتهم وحسن إسلامهم.
  ٢٩ - وفي هذه الآيات دليل على أن الصحابة المخلصين المتحققين بحقائق الإيمان قلة قليلة.
  ٣٠ - وفيها دليل على بطلان مذهب أهل السنة والجماعة في الصحابة، حيث جعلوهم جميعاً ثقاة وعدولاً من غير استثناء.
  ٣١ - في غزوة أحد عفا الله تعالى عن الفارين وتاب عليهم، وفي غزوة حنين لم يذكر تعالى عفوه عن الذين ولوا مدبرين، ولعل السبب في ذلك أن غزوة أحد كانت من أول المعارك في الإسلام، وأول مركب صعب، ولم يسبق للمسلمين قبلها تجارب عسكرية فاقتضت الحكمة الربانية العفو عن الهاربين من المعركة.
  أما غزوة حنين فإنها من آخر غزوات النبي ÷ وقد ضَرِي المسلمون بالحروب وكثرت ممارستهم لها، وقد استحكم علم المسلمين بعظم معصية الفرار من الزحف، وعلموا قبح الفرار من عند النبي ÷، وقبح ترك الرسول ÷ وحده وسط العدو، فلم يكن هناك وجه في الحكمة يقضي بالعفو عنهم، إلا أن الله تعالى فتح باب التوبة على مصراعيه للتائبين إذا صدقوا في توبتهم فقال تعالى في هذه الآيات: {ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ