زبر من الفوائد القرآنية ونوادر من الفرائد والفرائد القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[المنافقون في سورة التوبة]

صفحة 321 - الجزء 1

  ثم قال تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٤١}⁣[التوبة].

  وقال تعالى: {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ٤٢}⁣[التوبة]، في ذلك:

  ٤١ - أن المنافقين لم يستجيبوا لأوامر الله تعالى الآمرة لهم بالخروج للجهاد مع رسوله ÷، ولم تؤثر فيهم التهديدات القرآنية، وذلك دليل على عدم تصديقهم بالإيمان.

  ٤٢ - وقوله: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٤١} دليل على أن المخاطبين غير متحققين بحقائق الإيمان، إذ لو كانوا متحققين بحقائقه لعلموا أن النفور للجهاد مع الرسول ÷ خير لهم من التخلف عنه.

  ٤٣ - وفي ذلك أن المخاطبين هم من أهل الدنيا الراغبين فيها، وليسوا من الراغبين في ثواب الله ورضوانه ورحمته.

  ٤٤ - وأنهم كانوا يبررون تخلفهم باختلاق أعذار لا وجود لها، ويؤكدون أعذارهم ويوثقونها بالحلف بالله.

  ٤٥ - وأنهم في الواقع إنما يوقعون أنفسهم بالحلف بالله وبالأعذار الكاذبة في الهلاك والضياع وخسران الدنيا والآخرة.

  ٤٦ - وفي هاتين الآيتين يكشف الله سترهم، ويبين كذبهم.

  ٤٧ - فضحت غزوة تبوك المنافقين، وكشفت سرائرهم ودواخل نفوسهم.

  ثم قال وتعالى سلطانه: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ٤٣}⁣[التوبة]، في ذلك:

  ٤٨ - أن أناساً من المنافقين استأذنوا رسول الله ÷ في القعود عن الجهاد معه، والخروج إلى تبوك - فأذن لهم، فعاتبه الله تعالى على إذنه لهم؛ لأن الله تعالى يريد أن يكشف بهذه الغزوة سرائر المنافقين ويظهر كذبهم في إيمانهم.

  ٤٩ - وقد تلطف الله تعالى في هذا العتاب لرسوله ÷، فخاطبه أولاً بالعفو