[المنافقون في سورة التوبة]
  عنه فقال: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ} ثم خاطبه بالعتاب على ما فعل.
  ٥٠ - وقد كان المفروض أن يتبين النبي ÷ أهل الأعذار الصادقة وأهل الأعذار الكاذبة، فيأذن لذوي الأعذار الصادقة، ولا يأذن لذوي الأعذار الكاذبة.
  ٥١ - والسر والحكمة في تقديم العفو في الآية على العتاب هو الرفق بالرسول ÷ لئلا يصطدم بالعتاب من الله تعالى، وقد علم الله تعالى أنه لو لم يرفق به في الخطاب والعتاب لتفطر قلبه ÷ حزناً.
  ثم قال تبارك وتعالى: {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ٤٤ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ٤٥}[التوبة]، في ذلك:
  ٥٢ - أن علامة الإيمان والإخلاص هي طاعة الرسول ÷.
  ٥٣ - وعلامة النفاق هي معصية الرسول ÷.
  ٥٤ - وعليه فإن إصرار العصاة على معاصيهم سواء أكانت المعصية شرب خمر أو زنا أو أكل أموال الناس بالباطل، أو رفض أوامر الجهاد مع الرسول ÷ أو مع أئمة الهدى ... إلخ - يدل على نفاق وشك في نفس العاصي.
  ٥٥ - وأن من شأن المؤمن المبادرة إلى امتثال أمر الرسول ÷ للجهاد أو لغيره، وأن من شأن المنافق الاعتذار عن فعل ما أمر به الرسول ÷.
  ثم قال سبحانه وتعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ٤٦}[التوبة]، في ذلك:
  ٥٦ - أنه لا نية للمنافقين في الجهاد على الإطلاق لا في هذه الغزوة «تبوك»، ولا فيما تقدمها من الغزوات.
  ٥٧ - هذه القضية شرطية ويسميها أهل المنطق: قياساً استثنائياً، وتدل على أن القياس الاستثنائي دليل قطعي، وقد أقام {كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ} مقام: ولكنهم لم يريدوا الخروج ... إلخ.