[المنافقون في سورة التوبة]
  ٥٨ - وقد استثنى في هذا القياس نقيض المقدم والنتيجة تكون نقيض التالي.
  ٥٩ - كراهة الله تعالى لخروج المنافقين مع رسول الله ÷ إلى تبوك هي من أجل ما سيحدث منهم من الفساد والإفساد للمجاهدين، لا لأجل أن الله تعالى يكره منهم الجهاد مع الرسول ÷.
  ثم قال سبحانه: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ٤٧}[التوبة]، في ذلك:
  ٦٠ - بين الله تعالى هنا السبب والعلة التي من أجلها كره الله تعالى خروجهم مع النبي ÷ والمسلمين الذين خرجوا إلى تبوك.
  ٦١ - فبين تعالى أنه لا يحصل من المنافقين لو خرجوا مع المسلمين إلى تبوك أي نفع وأي مصلحة، وأن الذي يحصل منهم لو خرجوا معكم هو الضرر لكم أيها المسلمون والفساد عليكم، ولو خرجوا فيكم لأسرعوا بدخول الفساد بينكم، ولرموا بالفساد بين كل جماعة وبين كل اثنين؛ لأنهم يريدون أن يفتنوكم عن دينكم، ويردوكم عنه، وصدورهم تغلي عليكم حقداً وعداوة، يترصدون لكم الفرص للنكبة بكم، ولإلحاق الغوائل بكم؛ فهذا هو السر والحكمة في كراهة الله تعالى لخروج المنافقين إلى تبوك مع الرسول ÷ والمسلمين.
  ٦٢ - ويتبين من هذه الآية أن صحابة الرسول ÷ كانوا ثلاث طبقات هي:
  ١ - طبقة المنافقين، وهي التي تخلفت عن الخروج مع النبي ÷.
  ٢ - وطبقة المستبصرين في الدين، الذين بلغت بهم بصائرهم في الدين إلى حدٍّ لا تؤثر فيهم دعايات المنافقين وترويجاتهم وحيلهم.
  ٣ - وطبقة المؤمنين الذين قصرت بصائرهم عن إدراك دسائس المنافقين وحيلهم ومكرهم ودعاياتهم، ولم يكن عندهم من البصائر ما يحفظهم