زبر من الفوائد القرآنية ونوادر من الفرائد والفرائد القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

وادي النمل

صفحة 398 - الجزء 1

  فعلى العاقل أن يبتعد عن مقاربتهم ومداخلتهم؛ ليسلم من شرهم، فسياسة الملوك لا ترحم، وليس لهم وفاء، ولا يراعون في سياستهم لأحد معروفاً، وإذا استغنوا عن الرجل أبعدوه وأهانوه.

  ١٤ - نعرف من هنا أن سياسة الملوك في قديم التأريخ وحديثه سياسة واحدة لا تختلف، هي ظلم الرعايا وإهانتهم وإذلالهم، لا يراعون في ذلك شريفاً ولا عزيزاً ولا رفيعاً، ولا يبالون بما أفسدوا في سبيل توطيد ممالكهم.

  وقد كانت سياسة بلقيس فريدة في هذا المجال فقد كانت تحافظ على رعاياها وأهل مملكتها من الفساد والظلم والإهانة، وتراعي مصالحهم، وتسعى في توفير ذلك لهم، كانت هذه سياستها: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ٣٤}⁣[النمل].

  ١٥ - أن نبي الله سليمان # كان مشهوراً بالفضائل والشرف والعدل لذلك قالت بلقيس: {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ٢٩ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ}⁣[النمل]، لم تصف الكتاب بالكريم إلا لما عندها من العلم عن كرم كاتبه، ولم تقل: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ} إلا وقد اشتهر عند قومها اسم سليمان ولمع ذكره وذاع صيته.

وادي النمل

  يخيل إلي أن وادي النمل الذي نزله سليمان # وأتاه الهدهد فيه بخبر بلقيس كان قريباً من مملكة سبأ، وذلك لأن الهدهد كان في جيش سليمان حينما نزل وادي النمل، والعادة أن أفراد الجيش لا يبتعدون عن معسكر قائدهم كثيراً.

  - والأقرب إلى مخيلتي أن وادي النمل في سهل تهامة وذلك لسببين:

  ١ - أن سهل ساحل البحر الأحمر أسمح لسير الجنود من الجبال.

  ٢ - أن وديان سهل تهامة لا ينقطع عنها نزول السيول لأن مياه الجبال تتجمع وتسيل إليها، ومناخها دافئ تنمو فيه حشرات الأرض وهوامها لكثرة الماء والغذاء ودفء الهواء.

  - لا زالت آثار مملكة سبأ قائمة حتى اليوم تهوي إليها السواح من أطراف