[قصة موسى في سورة القصص]
  وأقواهم على فعله وتأديته.
  ٦٧ - كما قد يؤخذ من هنا أن نوظف للدعوة إلى الله وإلى الإرشاد إلى دينه ذوي العلم والفصاحة، وقد اشتهر بين أهل العلم حديث: «إن من البيان لسحرا ...».
  ٦٨ - سأل الله تعالى موسى أن يبعث معه أخاه هارون فاستجاب الله تعالى له وأوحى إليه وجعله نبياً مع أخيه موسى، ووعدهما بالحفظ من آل فرعون، ووعدهما بالنصر والغلبة، {أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ}[القصص: ٣٥] فحصل كل ذلك إلا أن النصر والغلبة لم يحصلا إلا بعد حين تتابعت فيه على بني إسرائيل المحن والفتن والابتلاء، فصبروا.
  ٦٩ - ينبغي لمن عرف صدق الرجل وثقته وأحقية خبره أن يخبر بصدق خبره ويؤكد صحته، وهذا إذا كذبه المخاطبون وسخروا من خبره.
  ٧٠ - إذا سمع المرء الخبر الغريب فلا يبادر إلى استنكاره وتكذيبه، بل على العاقل أن ينظر في حقيقته، ويتروى في النظر فيه، وهذا إن كان له في ذلك مصلحة أو دفع مفسدة، وإلا أعرض عنه من غير تكذيب ولا تصديق.
  ٧١ - أن غرابة الخبر وعدم وقوع مثله في عهد الآباء والأجداد لا يدل على كذبه.
  ٧٢ - لم يكن فرعون غبياً حين أمر ببناء صرح طويل ليطلع إلى إله موسى، ولكنه بهذا الصنيع سيقول لقومه إنه اطَّلع إلى إله موسى ليستعلمه عن صحة نبوة موسى، وأن إله موسى أخبره أنه لم يوح إلى موسى، وأن موسى كاذب في ادعائه الرسالة، حيلةً منه على قومه لعلمه بغفلتهم وجهلهم وأنهم سيصدقونه، ومن هنا قال تعالى عن فرعون: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ...}[الزخرف: ٥٤].
  ٧٣ - ترفع فرعون وجنوده عن قبول الحق الذي جاء به موسى إليهم فأغرقه الله تعالى هو وجنوده في البحر، خزياً من الله لهم، وآية كاشفة لضعف فرعون وجنوده، وعبرة للمعتبرين لكي يحذروا أن يقعوا في مثل ذلك المصير المشؤوم والمخزي.