[قصة أصحاب الكهف أيضا]
  منهم، ولا أن يقف عندهم؛ لما يرى من صورهم التي تملأ بدن الإنسان رعباً، وتبلغ بالإنسان إلى منتهى الخوف وغايته، ولعل السر في ذلك –والله أعلم - هو ألا يصل إليهم أحد بمكروه، وألا يتعرف عليهم أحد؛ فحفظهم الله، وحفظ كلبهم خلال نومتهم.
  · {وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ}:
  بعثهم الله تعالى بعد نومتهم الطويلة ليظهر لهم رحمته بهم وكرامتهم عليه، وليظهر أيضاً أمرهم للناس، وليعلموا أن الله تعالى لا يضيع المؤمنين، وأن من ترك شيئاً تعظيماً لله وخوفاً منه عوضه الله بأفضل منه.
  · {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ١٩ إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ٢٠}:
  - يظهر أنه كان لهم أمير يأتمرون بأمره وهو الذي قال: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ} ... إلخ، والورِق هي: دراهم فضية مضروبة كانت محفوظة عند أميرهم، فلما استيقظوا وتساءلوا أحسوا بالجوع فأرسلوا واحداً منهم، ووصاه الأمير بالحيطة والحذر من أهل مدينتهم التي خرجوا منها فارين بدينهم، وأن يتحرى لهم طعاماً لا يكون فوقه طعام في الجودة والطيبوبة والحل فيشتريه ويعود به عليهم، وليكن ذلك منه بتلطف وتنكر وتخف من حيث لا يشعر به قومه، وليتكتم ولا يطلع أحداً على خبرهم.
  ثم علل ذلك أميرهم وبين السبب الذي من أجله وصاه بهذه الوصايا فقال: إن قومكم إن اطلعوا عليكم سيقتلونكم رجماً أو يعذبونكم حتى تتراجعوا إلى دينهم، ولن تتمكنوا بعد ذلك من الخلاص منهم كما تمكنتم هذه المرة؛ لأنكم ستكونون تحت المراقبة الشديدة التي لا يمكنكم معها الفرار بدينكم.
  وقد يستفاد من هنا أنه كان لهم سلطان جبار له سيطرة قوية على أهل