زبر من الفوائد القرآنية ونوادر من الفرائد والفرائد القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[ويستفاد أيضا من قصة أصحاب الكهف]

صفحة 473 - الجزء 1

  ٢٧ - كما يؤخذ من ذلك أن يتخذ الجماعة في السفر أو نحوه أميراً منهم، ليصدروا عن رأيه إذا اختلفوا، وليسلموا من الخلاف والخصام.

  ٢٨ - وينبغي أن يكون أمير الجماعة أجودهم رأياً وأكثرهم علماً، ألا ترى إلى قول آمر أصحاب الكهف: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ١٩ إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ٢٠}⁣[الكهف] فإن توصيته هذه تدل على أنه ذو رأي سديد وبصيرة وذو علم وعقل.

  ٢٩ - فمن حسن رأيه وكمال إدراكه أنه قال: {ابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} فلم يخص واحداً منهم بالأمر، بل وجهه إليهم جميعاً حتى يتشاوروا ويتراودوا فيما بينهم على تعيين واحد منهم للذهاب إلى المدينة، ولو أنه وجه الأمر إلى واحد منهم بعينه لربما استاء من ذلك، ولربما تغيرت نفسه على الآمر ولو قليلاً، ولربما داخلته الأوهام ولعب به الشيطان بسبب ذلك، فبحسن رأيه وجودة معرفته وكمال عقله وإدراكه تجنب في أمره كل ذلك، وحفظ لنفسه مكانة الآمر الحكيم، وسد عن أصحابه منافذ الشيطان ومداخل الأوهام.

  - ومن حسن رأيه وجودة بصيرته وكمال عقله ومعرفته أنه قال: {ابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ} فدلت هذه العبارة مع جودة المعرفة على أمور:

  أ - أن يدفع كل واحد من الأصحاب قدراً من الفلوس.

  ب - أن يجمعها الأمير عنده ويحتفظ بها.

  ج - ويكون هو المتولي للنفقة، والمتولي لتقديرها ونوعيتها وجودتها.

  د - وجاء أمير أهل الكهف بعبارة: {بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ}⁣[الكهف: ١٩] ليُريَ أصحابه أن تلك الفلوس المدفوعة إليهم هي فلوسهم التي دفعوها له بعينها، لئلا يتوهموا أنه دفعها من فلوسه الخاصة به فتكون له المنة عليهم، ويكتسب بها الرفعة