[فوائد من سورة البقرة]
  بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ٢٨٥} إلى آخر السورة [البقرة]:
  ١ - هذه أواخر سورة البقرة، وقد روي في فضلها أحاديث.
  ٢ - ولعل الفضل الذي روي في قراءة هذه الخواتم قد كان لما اشتملت عليه من:
  الإيمان بجميع أركانه، وبلوازمه الذي هو السمع والطاعة، والمراد بالسمع والطاعة هو التواضع لله سبحانه وتعالى؛ وذلك بامتثال أوامره، والانتهاء عن نواهيه، والاستقامة على ذلك، وبتوابعه: التي هي الافتقار إلى الله وإظهار الحاجة إليه، ويتمثل ذلك في التضرع إليه بالدعاء والاستغفار وطلب المعونة على القيام بالتكليف.
  ٣ - ويمكن أن يستدل من هنا على أن أفضل الدعاء هو الاستغفار؛ وذلك من حيث إنه ابتدأ ذلك الدعاء بالاستغفار وختم بالاستغفار.
  ٤ - يؤخذ من هنا أن من شأن المؤمن أن يكون متهمًا لنفسه بالتقصير في طاعة الله وفي القيام بما كلف به، فيبادر إلى الله ويتوجه إليه بطلب المغفرة، بل يجعل أهم دعائه هو المغفرة.
  ٥ - قد وقع الاتفاق على أن الله تعالى رفع المؤاخذة عما وقع من معاصيه عن طريق الخطأ والنسيان، وقد قال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}[الأحزاب ٥]، وفي الحديث المشهور: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان».
  ومع ذلك فقد يستفاد من ذلك الدعاء أن من شأن المؤمن أن يستاء إذا وقع في معصية الله عن طريق الخطأ والنسيان؛ إجلالًا لله واستعظامًا للوقوع في معصيته ولو عن طريق الخطأ والنسيان، فيدفعه إجلال الله واستعظامه لمعصيته إلى التضرع بالدعاء إلى الله أن لا يؤاخذه على ما فرط منه عن طريق الخطأ والنسيان، هذا هو شأن المؤمن.