الدرع الحصينة في تخريج أحاديث السفينة،

الإمام أحمد بن هاشم (المتوفى: 1269 هـ)

فصل: آداب الدعاء

صفحة 116 - الجزء 1

  عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ» ولا عذاب على ترك غير الواجب⁣(⁣١).

  قلت: الحمل على الوجوب متوقِّف على كون الترة بمعنى التبعة، ولم يذكر ذلك في القاموس، بل هي ظاهرة في معنى النقص⁣(⁣٢).

  ولو سُلِّم حُمِلَ على المبالغة في ملازمة الذكر؛ لأن المعلوم بين العلماء أن مطلق الذكر مندوب، والله أعلم.

  وعن ابن أبي أوفى مرفوعا: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّ عِبَادِ اللهِ الَّذِينَ يُرَاعُونَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ وَالْأَهِلَّةِ لِذِكْرِ اللهِ تعالى» أخرجه الطبراني، والحاكم وصححه⁣(⁣٣).

  وعن عائشة عن النبي ÷ قالت: قال: «مَا مِنْ سَاعَةٍ تَمُرُّ بِابْنِ آدَمَ لَمْ يَذْكُرِ اللهَ فِيهَا إِلَّا تَحَسَّرَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أخرجه البيهقي⁣(⁣٤).

  وعن معاذ مرفوعا: «لَيْسَ يَتَحَسَّرُ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَّا عَلَى سَاعَةٍ مَرَّتْ بِهِمْ لَمْ يَذْكُرُوا اللهَ فِيهَا» أخرجه الطبراني، والبيهقي⁣(⁣٥).

  قلت: ومعنى تحسَّر⁣(⁣٦): هو لما يرونه من تفاوت منازل بعضهم على بعض؛ لكثرة الأعمال والذكر، كما صرَّح به المرشد بالله # في الأمالي مرفوعًا⁣(⁣٧)، وقد ذكرناه فيما يأتي إن شاء الله تعالى، لأنَّ علو الدرجات محبوب يُشتاق إليه، وعدمها مع ما كان من إمكان اكتسابها في الدنيا بالأعمال حسرة.


(١) أخرجه أحمد في مسنده (١٥/ ٣٥٧/٩٥٨٣)، والنسائي في سننه الكبرى (٩/ ٣٠١ رقم ١٠٥٨١)، وابن حبَّان في صحيحه (٣/ ١٣٣ رقم ٨٥٣)، والحاكم في مستدركه: (١/ ٦٧٤ رقم ١٨٢٦) وقال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ"، والترمذي في سننه (٥/ ٤٦١ رقم ٣٣٨٠)، وقال: "حديث حسن " وَمَعْنَى قَوْلِهِ: تِرَةً: يَعْنِي حَسْرَةً وَنَدَامَةً.

(٢) قال في النهاية في غريب الحديث: (١/ ٤٩٨) والترة: النقص، وقيل التبعة، والتاء عوض من الواو المحذوفة.

(٣) أخرجه الطبراني في الدعاء: (١/ ٥٢٤ رقم ١٨٧٦)، والحاكم في مستدركه: (١/ ١١٥ رقم ١٦٣)، وقال الحاكم: "إسناده صحيح".

(٤) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان: (١/ ٣٩٢ رقم ٥١١).

(٥) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان: (١/ ٣٩٢ رقم ٥١٢)، والطبراني في معجمه الكبير (٢٠/ ٩٣ رقم ١٨٢)، والخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت (المتوفى: ٤٦٣ هـ) في تالي تلخيص المتشابه، تحقيق: مشهور بن حسن آل سلمان، أحمد الشقيرات، دار الصميعي - الرياض، ط ١ (١٤١٧ هـ): (١/ ٢٨٤).

(٦) في (ج) معنى تحسرهم.

(٧) أخرجه المرشد بالله، في الأمالي الخميسية: (٢/ ٤٠٤ رقم ٢٩١٥).