الدرع الحصينة في تخريج أحاديث السفينة،

الإمام أحمد بن هاشم (المتوفى: 1269 هـ)

فصل: آداب الدعاء

صفحة 117 - الجزء 1

  ومثال ذلك ما في الشاهد؛ فإن الإنسان يُحبُّ أن يكون معه من الأموال والحيطان والمزارع والأعناب والأنهار فوق ما معه إن كان ذا ثروة، أو يرغب في تحصيله إن كان عديمًا، ولا تجد أحدًا يرغب عما وراء ما في يده هذا مع حقره والعلم بزواله وانقطاعه بالموت يقينًا، وبالآفات التي تعرف توقعًا؛ فكيف بدرجات الجنة التي قال فيها الصادق الأمين ÷ «لَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»⁣(⁣١) نسأل الله تعالى رفيع الدرجات لديه بمنَّه وكرمه.

  عن أبي سعيد عنه ÷: «أَكثِر مِن ذكر الله حَتَّى يُقَال إِنَّك مَجْنُون» أخرجه أحمد، وابن حبَّان، والطبراني، وأبو يعلى، وابن السني، والحاكم، والبيهقي في الشعب. وقال السيوطي فيه: إنه حسن⁣(⁣٢).

  قلت: وذلك محمول على الغالب، وقد يندب في بعض الحالات والمقامات ما يناسب الحالة، وربما أفضى في بعضها إلى الاستثقال والهزؤ ونحوه بذكر الله تعالى والله أعلم.

  وعن أبي الجوزاء⁣(⁣٣): «أَكْثِرُوا من ذِكْرَ اللهِ حَتَّى يَقُولَ الْمُنَافِقُونَ: إِنَّكُمْ مُرَاءُونَ»، وتقييد هذا بالمنافقين يشهد للحمل الذي ذكرنا. أخرجه سعيد بن منصور⁣(⁣٤)، وأحمد في الزهد، والبيهقي في الشعب مرسلا، ذكره في الجامع الصغير⁣(⁣٥).

  وعن أبي هريرة قال: كان رسول الله ÷ يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ⁣(⁣٦)


(١) أخرجه أحمد في مسنده (٢٤/ ٣٣٥ رقم ١٥٥٦٣)، والبخاري في صحيحه: (٣/ ١٠٥٩ رقم ٢٧٣٥)، والترمذي في سننه: (٤/ ١٨٨ رقم ١٦٦٤)، والبيهقي في شعب الايمان: (٤/ ٣٩ رقم ٤٢٨٤)، والطبراني في معجمه الكبير: ٦/ ١٩٠ رقم ٥٩٥٩).

(٢) أخرجه أحمد في مسنده: (١٨/ ٢١٢ رقم ١١٦٧٤)، وابن حبَّان في صحيحه (٣/ ٩٩ رقم ٨١٧) والطبراني في الدعاء (١/ ٥٢١ رقم ١٨٥٩) وأبو يعلى في مسنده (٢/ ٥٢١ رقم ١٣٧٦)، وابن السني،: ٣٦٤ هـ) في عمل اليوم والليل: (١/ ٧/٤) والحاكم في مستدركه: (١/ ٦٧٧ رقم ١٨٣٩) والبيهقي في الشعب: (١/ ٣٩٧ رقم ٥٢٦) والسيوطي في جمع الجوامع (١/ ٧٨٥ رقم ٣٥/ ٤٠٤٤) وكلها بلفظ: «أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون».

(٣) أبو الحوزاء: أوس بن خالد الربعي، تابعي سمع من ابن عباس كثيرا، خرج مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فقتل أيام الجماجم سنة ٨٣ هـ، ينظر: طبقات ابن سعد ٢/ ٢١١.

(٤) سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني الجوزجاني أبو عثمان المروزي، محدث صاحب السنن، وثقه ابن سعد وأبو حاتم وابن خراش وابن نمير، توفي سنة (٢٢٧ هـ). ينظر: ابن عساكر، تاريخ دمشق: (٢١/ ٣٠٣/٢٥٦٠)، والمزي، تهذيب الكمال (١١/ ٧٧ رقم ٢٣٦١)، والذهبي، تذكرة الحفاظ،: (٢/ ٥ رقم ٤٢٢).

(٥) أخرجه أحمد، في الزهد: (١/ ٨٩/ ٥٥٧). والبيهقي في الشعب: (١/ ٣٩٧ رقم ٥٢٧) وذكره السيوطي، الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير: (١/ ٢٠٨ رقم ١٣٩٨).

(٦) في (ب) على طريق مكة.