الدرع الحصينة في تخريج أحاديث السفينة،

الإمام أحمد بن هاشم (المتوفى: 1269 هـ)

فصل: آداب الدعاء

صفحة 120 - الجزء 1

  وقد صرح البخاري بذلك أعني التوبة، لمَّا ذكر حديث أبي ذر مكررا في الجنائز واللباس وغيرهما من صحيحه⁣(⁣١)، حتى قال الإمام شرف الدين #: قال في الجامع: " قَالَ أَبو عَبْد اللهِ: هَذَا عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ قَبْلَهُ إِذَا تَابَ وَنَدِمَ، وَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ غُفِرَ لَهُ "⁣(⁣٢)، هذا نص البخاري في اللباس⁣(⁣٣)؛ فقد صرَّح بالتوبة، ذكره # في خطبة الأثمار⁣(⁣٤)، وغيرها، وحقق الجمع من الأخبار إلى غاية، وذكر طرفا من ذلك الشيخ الحافظ المحقق محمد صالح السماوي في منتهى الإلمام⁣(⁣٥).

  قلت: وفائدة قوله ÷ «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ ...» إلخ، أنه لم يتعقَّب توبته بما يمحوها، والله أعلم.

  فائدة: اختلف العلماء كما ذكره القشيري⁣(⁣٦) أي الأمرين أولى، الدعاء أو الرضا بالقضاء؟ فقيل: الدعاء هو الذي ينبغي ترجيحه لكثرة الأدلة؛ ولما فيه من الخضوع والافتقار، قيل: وغير بعيد أن يقال: إنَّ ترك الدعاء يكون سببا لغضب الله تعالى⁣(⁣٧)، وقد أشار إلى ذلك في حديث الترمذي والحاكم المذكور أن في ديباجة الأصل: «إن الله تعالى يحب أن يُسأل، ومن لم يَدعُ اللهَ تعالى غضب الله عليه»⁣(⁣٨).

  وورد كثير⁣(⁣٩) من الدعاء لرفع المرض، لدفع الخوف، لدفع الفقر، لدفع الحاجة وأمثال


(١) ذكر البخاري تعليقا " قِيلَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَلَيْسَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إِلاَّ لَهُ أَسْنَانٌ فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ وَإِلاَّ لَمْ يُفْتَحْ لَكَ" وفي الشرح: أي: وأسنان هذا المفتاح فعل ما أمر الله تعالى به وترك ما نهى الله عنه. أخرجه البخاري في صحيحه (١/ ٤١٥ رقم ١).

(٢) ذكر البخاري تعليقا " قِيلَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَلَيْسَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إِلاَّ لَهُ أَسْنَانٌ فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ وَإِلاَّ لَمْ يُفْتَحْ لَكَ" وفي الشرح: أي: وأسنان هذا المفتاح فعل ما أمر الله تعالى به وترك ما نهى الله عنه. صحيح البخاري: (١/ ٤١٥ رقم ١).

(٣) أخرجه البخاري في صحيحه: (٥/ ٢١٩٣ رقم ٥٤٨٩).

(٤) الأثمار في فقه الأئمة الأطهار وهو: كتاب في الفقه أختصره الإمام شرف الدين من كتاب جده المهدي أحمد بن يحيى وعليه عدة شروح. ينظر: الوجيه، أعلام المؤلفين الزيدية (١١٣٤).

(٥) منتهى الإلمام بأحاديث الأحكام، مخطوط منه عدة نسخ بالمكتبة الغربية، الوجيه، أعلام المؤلفين الزيدية: (ص ٩١٨).

(٦) عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري ولد (سنة ٣٧٥ هـ) فقيه شافعي متصوف توفي سنة (٤٦٥ هـ) وله التفسير، والرسالة المشهورة، وغيرهما، الذهبي، سير أعلام النبلاء: (١٨/ ٢٢٧).

(٧) ينظر: القشيري، الرسالة القشيرية -: (ص ١٣١).

(٨) أخرجه الترمذي في سننه: (٥/ ٥٥٢ رقم ٣٥٤٨)، والحاكم في مستدركه: (١/ ٦٧٠ رقم ١٨١٥).

(٩) في (أ) وورد كثير كما سيأتي في أبوابه من الدعاء.