فصل: آداب الدعاء
  وعن أبي هريرة قال: قال ÷ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَنْصِبُ وَجْهَهُ للهِ ø فِي مَسْأَلَةٍ، إِلَّا أَعْطَاهَا إِيَّاهُ، إِمَّا أَنْ تُعجَّل(١)، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ» أخرجه الحاكم، وأحمد، والبخاري في الأدب المفرد(٢).
  وإلى غير ذلك، وفي ذلك دليل على إجابة دعاء كل مسلم ما لم يعرض ما يمنع من الإجابة من جهته، كما قد وردت تقييدات المنع، وأشرنا إلى كثير من ذلك.
  وقد ذكر الزمخشري بحثا في قوله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ}(٣) قال ما معناه: وكثير ممن يدعو في شيءٍ الحاجةُ إلى وقوعه ودفعه في الحال(٤)، ثم أجاب بما يفيد ما لمحنا إليه من التقييدات(٥).
  وفضيلة الادخار أعظم من ذلك كله، كما في حديث جابر، قال: قال رسول الله ÷ «يَدْعُو اللهُ بِالْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُوقِفَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيَقُولُ: عَبْدِي إِنِّي أَمَرْتُكَ أَنْ تَدْعُونَي فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَمَا إِنَّكَ لَمْ تَدْعُنِي بِدَعْوَةٍ إِلَّا اسْتَجَبْتُ لَكَ، لَيْسَ دَعَوْتَنِي يَوْمَ كَذَا وَكَذَا لِغَمٍّ نَزَلَ بِكَ أَنْ أُفَرِّجَ عَنْكَ فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: فَإِنِّي عَجَّلْتُهَا لَكَ فِي الدُّنْيَا، وَدَعَوْتَنِي يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، لِغَمٍّ نَزَلَ بِكَ فَلَمْ تَرَ فَرَجًا؟ قَالَ: نَعَمْ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ إِنِّي ادَّخَرْتُ لَكَ بِهَا فِي الْجَنَّةِ كَذَا وَكَذَا "وَدَعَوْتَنِي فِي حَاجَةٍ أَقْضِيهَا لَكَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فَقَضَيْتُهَا لك؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: فَإِنِّي عَجَّلْتُهَا لَكَ فِي الدُّنْيَا، وَدَعَوْتَنِي فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي حَاجَةٍ أَقْضِيهَا فَلَمْ تَرَ قَضَاءَهَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: إِنِّي ادَّخَرْتُهَا لَكَ فِي الْجَنَّةِ كَذَا وَكَذَا " قال رسول الله ÷ فَلَا يَدَعُ اللهُ دَعْوَةً دَعَا بِهَا عَبْدُهُ [الْمُؤْمِنُ] إِلَّا بَيَّنَ لَهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ
(١) هكذا في النسخ، وفي البخاري وأحمد و الحاكم: (إما أن يُعَجِّلَهَا لَهُ).
(٢) أخرجه الحاكم في مستدركه (١/ ٦٧٤/١٨٢٩) وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه» وأحمد في مسنده (١٥/ ٤٨٧ رقم ٩٧٨٥)، والبخاري، في الأدب المفرد: (١/ ٢٤٨ رقم ٧١٠) بلفظ مقارب، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه أحمد، ورجاله ثقات، وفي بعضهم خلاف (١٠/ ١٤٨ رقم ١٧٢٠٨).
(٣) سورة النمل: ٦٢.
(٤) الأظهر أن هنا سقط وهو (فلا يجاب) أو نحوه، فعبارة الزمخشري، وكم من مضطر يدعوه فلا يجاب، قلت: الإجابة موقوفة على أن يكون المدعو به مصلحة ولهذا لا يحسن دعاء العبد إلا مشارطا فيه المصلحة.
(٥) ينظر: الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل: (٣/ ٣٧٦).