الدرع الحصينة في تخريج أحاديث السفينة،

الإمام أحمد بن هاشم (المتوفى: 1269 هـ)

فصل: آداب الدعاء

صفحة 123 - الجزء 1

  عُجِّلَ لَهُ فِي الدُّنْيَا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ادُّخِرَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، قَالَ: فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ يَا لَيْتَهُ لَمْ يَكُنْ عُجِّلَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ)، أخرجه الحاكم⁣(⁣١).

  وقد سمعنا أن رسول الله ÷ سأل ربه خمسا فأعطي بعضا، ومُنع بعضا: فمنها أنه سأله تعالى أن لا يستأصل أمته بالعذاب فأعطيه، ومنها: أنه سأله تعالى أن لا يجعل بأسهم بينهم فلم يعطه كما في آيات الأنعام: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا}⁣(⁣٢) إلى آخر الآية، سمعناه عن بعض مشايخنا، والله أعلم، ومرجعه إلى إحالة الرب تعالى ذلك إلى المصلحة التي يعلمها أَولَى للعباد.

  فائدة: هل يجوز أن يخص نفسه بالدعاء أم لا؟

  الظاهر أن تشريك المؤمنين في دعائه مندوب وأقرب للإجابة كما أومينا إليه في ديباجة الأصل، والعبرة بمطابقة الحالة، وكانت حالة⁣(⁣٣) النبي ÷ مختلفة: فتارة يأتي بلفظ الجمع؛ لعموم نفسه والمؤمنين، كما في أحاديث واسعة، من ذلك: «اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ» إلخ⁣(⁣٤)، وأمثاله كثيرة، وتارة يأتي بلفظ الإفراد، وهي أكثر وكثيرة، نحو: «اللهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ» إلخ. متفق عليه⁣(⁣٥).

  قوله ÷ «اللهُمَّ طَهِّرْنِي بِالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ» إلخ. رواه مسلم⁣(⁣٦)، وقوله ÷ «اللهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ، وَجِلَّهُ». رواه مسلم أيضا⁣(⁣٧).

  وقوله ÷ «اللهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي» إلخ⁣(⁣٨).


(١) أخرجه الحاكم في مستدركه: (١/ ٦٧١ رقم ١٨١٩»، ما عدا (ودعوتني في حاجة .... إلى في الجنة وكذا)، وما بين المعقوفتين في هذا الحديث من مستدرك الحاكم ..

(٢) سورة الأنعام: ٦٥.

(٣) في: (ب، ج) وكانت حالات النبي.

(٤) أخرجه الترمذي في سننه: (٥/ ٥٢٨ رقم ٣٥٠٢) وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وابن السني في عمل اليوم والليلة: (١/ ٣٩٤ رقم ٤٤٦). وغيرهما.

(٥) أخرجه مسلم في صحيحه: (١/ ٤١٩ رقم ٥٩٨) والبخاري في صحيحه: (٥/ ٢٣٤١ رقم ٦٠٠٧).

(٦) أخرجه مسلم في صحيحه (١/ ٣٤٦ رقم ٤٧٦).

(٧) المصدر نفسه: (١/ ٣٥٠ رقم ٤٨٣)، وتمامه "وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ».

(٨) المصدر نفسه: (٤/ ٢٠٧٣ رقم ٢٦٩٧) وتمامه. وَاهْدِنِي، وَعَافِنِي وَارْزُقْنِي».