الدرع الحصينة في تخريج أحاديث السفينة،

الإمام أحمد بن هاشم (المتوفى: 1269 هـ)

قوله: الباب الثامن: في أذكار الأذان ... إلخ

صفحة 164 - الجزء 1

  قلت: روي في هذين المتنين اختلاف في الحيعلة: فالأولى يبدلها بالحولقة، وفي الثاني يقول مثل قول المؤذن، والأحاديث العامة من قوله ÷: «مَنْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ فَقَالَ مِثْلَ قوله، وَإِذَا قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ» يشهد لأحدهما⁣(⁣١). وفي رواية: «إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» وأطلق، تشهد للأخرى، وهي رواية الموطأ والجماعة، وابن السني عن أبي سعيد، ومثل ذلك عند أبي يعلى عن أنس⁣(⁣٢)، وإبدال الحيعلة بالحولقة، جاء في حديث أبي أمامة المذكور عند أبي يعلى ومن معه، لكنه مقيَّدٌ بتقييد نبوي بمن نزل به كرب، ولولا حديث عمر المطلق المرفوع: «إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللهُ أَكْبَرُ قال أحدكم: اللهُ أَكْبَرُ» إلى آخر الألفاظ، إلا أنه قال: ثم قال: «حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ فقَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» وكذا حي على الفلاح، لكان التقييد بالإبدال عند الكرب فقط جمعًا بين الأدلَّة، وحديث عمر عند مسلم، وأبي داود، والنسائي⁣(⁣٣).

  وقد تعرض ابن القيم بأن قال: صح عنه ÷ إبدال الحيعلة بلا حول ولا قوة إلا بالله، ولم يجيء الجمع بينهما، والاقتصار على الحيعلة، وهذا مقتضى الحال المطابقة⁣(⁣٤)؛ لأن الأذان دعاء؛ فليس للسامع أن يقولهما ويستعين بكلمات الإعانة بقوله: «لا حول ولا قوة إلا بالله ..» إلخ⁣(⁣٥).

  وذهب كثير إلى هذا، وقالوا: إن المراد بالمثلية في قوله: مثل ما يقول فيما عدا الحيعلتين؛


(١) في (ج) تشهد لأحدهما.

(٢) أخرجه مالك في الموطأ: (١/ ٦٧ رقم ٢)، وأحمد في مسنده: (١٨/ ٧٣ رقم ١١٥٠٤)، والبخاري في صحيحه: (١/ ٢٢٢ رقم ٥٨٦) ومسلم في صحيحه: (١/ ٢٨٨ رقم ١٠ - (٣٨٣)، وابن ماجة في سننه: (١/ ٢٣٨ رقم ٧٢٠)، وأبو داود في سننه: (١/ ٣٩٣ رقم ٥٢٢)، والترمذي في سننه: (١/ ٤٠٧ رقم ٢٠٨)، والنسائي في المجتبى: (٢/ ٢٣ رقم ٦٧٣)، وابن السني في عمل اليوم والليلة: (١/ ٨١ رقم ٩٠) وأبو يعلى في مسنده: (٢/ ٤٠٦ رقم ١١٨٩) وما بين المعقوفتين من المصادر

(٣) أخرجه مسلم في صحيحه: (١/ ٢٨٩ رقم ١٢ - (٣٨٥)، وأبو داود في سننه: (١/ ٣٩٦ رقم ٥٢٧)، والنسائي في المجتبى: (١/ ٢٥ رقم ٦٧٧) عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ.

(٤) عبارة زاد المعاد: (وَهَذَا مُقْتَضَى الْحِكْمَةِ الْمُطَابِقَةِ لِحَالِ الْمُؤَذِّنِ وَالسَّامِعِ، فَإِنَّ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ ذِكْرٌ، فَسُنَّ لِلسَّامِعِ أَنْ يَقُولَهَا، وَكَلِمَةُ الْحَيْعَلَةِ دُعَاءٌ إِلَى الصَّلَاةِ لِمَنْ سَمِعَهُ فَسُنَّ لِلسَّامِعِ أَنْ يَسْتَعِينَ عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَةِ بِكَلِمَةِ الْإِعَانَةِ وَهِيَ " لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ " الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ) ينظر: ابن قيم الجوزية: زاد المعاد في هدي خير العباد، مؤسسة الرسالة، بيروت، مكتبة المنار الإسلامية، الكويت ط ٢٧ (١٤١٥ هـ /١٩٩٤ م): (٢/ ٣٥٦).

(٥) ينظر: ابن حيدر، محمد أشرف (المتوفى: ١٣٢٩ هـ): عون المعبود شرح سنن أبي داود، ومعه حاشية ابن القيم: تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته، دار الكتب العلمية، بيروت ط ٢ (١٤١٥ هـ): (٢/ ١٥٨).