قوله: الباب الثامن: في أذكار الأذان ... إلخ
  لحديث عمر على جهة التعليم والتخصيص، وقد قيل في ذلك: ينبغي الجمع بينهما؛ عملًا بالروايات من الإتيان بالحيعلة والحولقة معها، وهذا اختاره المقبلي(١)، وقد تعقَّبه بعض المحقِّقين بأن قال: الجمع بين الأحاديث بأن القول كما يقول المؤذن سنةٌ، وإبدال الحيعلة سنةٌ بالحولقة؛ فيأتي السامع بأحدهما ولا يجمع بينهما ولا أمر به، ومن ادِّعى فعليه الدليل(٢)؛ فمن جمع بينهما لم يكن مصيبًا للسنة، وقد قيل غير ذلك، والله أعلم(٣).
  وشواهد حديث الباب كثيرةٌ لا حاجة لاستيعابها مع حصول المراد.
  حديث سعد بن أبي وقاص(٤): أخرجه أحمد ومسلم والأربعة، وابن السني، وفي رواية: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: وَأَنَا أَشْهَدُ»(٥).
  وأخرج أحمد ومسلم والثلاثة من حديث ابن عمر أنه سمع النبي ÷ يقول: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ(٦)، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ»(٧)، ومعناه في مجموع الإمام زيد بن علي #(٨).
(١) صالح بن مهدي بن علي المقبلي، ولد في سنة (١٠٤٧ هـ)، علامة، أصولي وفقيه متكلم، وجرى بينه وبين عدد من العلماء مناظرات، ثم ارتحل إلى مكة واستقر بها حتى توفي سنة (١١٠٨ هـ)، له: "العلم الشامخ، والمنار ونجاح الطالب، وغير ذلك. ينظر: الشوكاني، البدر الطالع (١/ ٢٨٨ رقم ٢٠٤).
(٢) في (ج) ومن أدعاه فعليه الدليل.
(٣) ينظر: السياغي، الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير: (١/ ٥٥١) وابن حجر، فتح الباري: (٢/ ٩١)، والأمير الصنعاني، محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني، الكحلاني (المتوفى: ١١٨٢ هـ) سبل السلام، دار الحديث (د، ط) (د، ت). (١/ ١٢٧)، وابن دقيق العيد، إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام: (١/ ١٢٩).
(٤) عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله ÷: «من سمع المؤذن فالتفت إلى وجهه فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، رضينا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا، غفرت خطاياه». ذكره الويسي في السفينة المنجية: (ص ٢٨).
(٥) أخرجه أحمد في مسنده: (٣/ ١٣٤ رقم ١٥٦٥)، ومسلم في صحيحه: (١/ ٢٩٠ رقم ١٣ - (٣٨٦)، وابن ماجة في سننه: (١/ ٢٣٨ رقم ٧٢١). وأبو داود في سننه: (١/ ٣٩٥ رقم ٥٢٥)، والترمذي في سننه: (١/ ٤١١ رقم ٢١٠)، والنسائي في المجتبى: (٢/ ٢٦ رقم ٦٧٩)، وابن السني في عمل اليوم والليلة: (١/ ٨٩ رقم ٩٧).
(٦) في (ج) وصلوا علي.
(٧) أخرجه أحمد في مسنده: (٢٣/ ١٢٠ رقم ١٤٨١٧)، ومسلم في صحيحه: (١/ ٢٨٨ رقم ١١ - (٣٨٤)، وأبو داود في سننه: (١/ ٣٩٣ رقم ٥٢٣)، والترمذي في سننه: (١/ ٤١٣ رقم ٢١١). والنسائي في المجتبى: (٢/ ٢٥ رقم ٦٧٨).
(٨) أخرجه الإمام زيد بن علي، المجموع الفقهي والحديثي المسمى بـ (مسند الإمام زيد)، تحقيق: عبد الله بن حمود العزي، مؤسسة الإمام زيد الثقافية، ط ١ (١٤٢٢ هـ/ ٢٠٠٢ م): (١١٤ رقم ١٤٧ و ١٤٨).