الدرع الحصينة في تخريج أحاديث السفينة،

الإمام أحمد بن هاشم (المتوفى: 1269 هـ)

قوله: الباب العاشر: في أذكار الاستغفار

صفحة 192 - الجزء 1

  قال لهم يونس: [إن]⁣(⁣١) أجلكم أربعون ليلةً؛ فقالوا: إن رأينا أسباب الهلاك آمنا بك؛ فلمَّا مضت خمسٌ وثلاثون ليلةً أغامت السماء غيمًا أسود⁣(⁣٢) هائلًا يدخن دخانًا شديدًا، ثم يهبط حتى يغشى مدينتهم ويسود سطوحهم، فلبسوا المسوح وبرزوا إلى الصعيد بأنفسهم ونسائهم وصبيانهم ودوابهم، وفرَّقوا بين النساء والصبيان، وبين الدواب وأولادها، فحنَّ بعضها على بعض⁣(⁣٣)، وعلت الأصوات والعجيج⁣(⁣٤)، وأظهروا الإيمان والتوبة وتضرَّعوا، فرحمهم الله وكشف عنهم، وكان يوم عاشوراء يوم الجمعة⁣(⁣٥).

  وعن ابن مسعود: بلغ من توبتهم أن ترادُّوا المظالم، حتى إنَّ الرجل كان يقتلع الحجر⁣(⁣٦) وقد وضع عليه أساس بنائه (فيردُّه)⁣(⁣٧)، وقيل: خرجوا إلى شيخ من بقية علمائهم فقالوا: قد نزل بنا العذاب [فما ترى؟]⁣(⁣٨) فقال لهم: قولوا «يَا حَيُّ حِينَ لَا حَيَّ، وَيَا حَيُّ محْيِي الْمَوْتَى، وَيَا حَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» فقالوها فكشف عنهم⁣(⁣٩).

  وعن الفضيل بن عياض⁣(⁣١٠): قالوا: «الَّلهم (إنَّ)⁣(⁣١١) ذنوبنا قد عظمت وجلت، وأنت أعظم منها وأجل، افعل بنا ما أنت أهله، ولا تفعل بنا ما نحن أهله»⁣(⁣١٢).

  فينبغي قبل ذلك الحثُّ على التوبة والتخلص من الحقوق الربَّانية والإنسانية، والتقرب إلى الله تعالى⁣(⁣١٣) بأنواع القُرَب، وصلة الأرحام والصوم قبل ذلك، والخروج عقيب ذلك


(١) ما بين المعقوفتين من الكشاف.

(٢) في (ج) يسود.

(٣) في (أ، د) بعضها إلى بعض.

(٤) عَجَّ عَجَّا عجيجًا: صَاحَ ورفع صوته. ينظر: القاموس المحيط: (١٩٣).

(٥) ينظر: الزمخشري، الكشاف: (٢/ ٣٨٥).

(٦) في (أ) يقلع الحجر.

(٧) ما بين القوسين ساقط من (ج).

(٨) ما بين المعقوفتين من الكشاف.

(٩) ذكره الزمخشري في الكشاف: (٢/ ٣٥٣)، وأبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى (المتوفى: ٤٣٠ هـ) في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، السعادة، بجوار محافظة مصر (١٣٩٤ هـ/١٩٧٤ م): (٦/ ٥٨).

(١٠) فضيل بن عياض بن مسعود بن بشر الخراساني ولد سنة (١٠٥ هـ)، محدث وفقيه، واعظ زاهد توفي سنة (١٨٧ هـ). ينظر: الذهبي، الكاشف: (٢/ ١٢٤ رقم ٤٤٨٨)، وابن حجر، تهذيب التهذيب: (٨/ ٢٩٤ رقم ٥٤٠).

(١١) ما بين القوسين ساقط من (أ، ب).

(١٢) ينظر: الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل: (٢/ ٣٥١).

(١٣) في (أ) والتوبة إلى الله تعالى.