الدرع الحصينة في تخريج أحاديث السفينة،

الإمام أحمد بن هاشم (المتوفى: 1269 هـ)

قوله: فصل في الدعاء المقيد بشخص

صفحة 472 - الجزء 1

  وروي عن الإمام القاسم # أنها غير مقبولة؛ لقول الله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}⁣(⁣١)؛ والظاهر ما قدمنا من أنها ليست طاعة.

  وإذا كان الله تعالى حَرَّم الظلمَ على نفسه، وجعله بين عباده حرامًا، فالظالم قد تعدى الحرمة وجعل للمظلوم عليه سبيلًا للانتصار والانتصاف، والله أعلم.

  زيادة بيان: لو جار كافرٌ على كافرٍ بمحضر ملك عدل فاستغاث به المظلوم، فهل يجب إجابته ودفع الظالم وإنزال العقوبة به؟ الظاهر ذلك، بل يأثم سائر الناس ممن له مكنة وليس بكفر المظلوم يرفع وجوب إعانته، فهو من حق الله أعظم؛ لأنه أَغيَرُ؛ فعند مثل ذلك لا شك في قبول دعوة المظلوم واستغاثته بربه، بخلاف ما لو تقرب بأنواع الطاعات على كفره أو فسقه فممنوع؛ لأن لها تعَلُّقا ببدنه؛ لأنه المقرِّب لها؛ فلا بدَّ من طهارته، والله أعلم. (يؤكده ما أخرجه الإمام أبو طالب # في الباب السابع والثلاثين من أماليه من حديث أبي ذَر الطويل قَالَ: قلت يَا رَسُول الله مَا كَانَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ #؟ قَالَ كَانَت أَمْثَالًا كلهَا: «أَيُّهَا الْمَلِكُ الْمُسَلَّطُ الْمُبْتَلَى الْمَغْرُورُ، إِنِّي لَمْ أَبْعَثْكَ لِتَرُدَّ عَنِّي دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ؛ فَإِنِّي لاَ أَرُدُّهَا وَلَوْ كَانَتْ مِنْ كَافِرٍ»⁣(⁣٢)، ومثله، وفي أمالي المرشد بالله عن علي #(⁣٣)، ورواية النبي ÷ تقرير لحكمه، والله أعلم)⁣(⁣٤).

  حديث أمير المؤمنين #(⁣٥): أما الإمام العادل، فروى قبول دعوته ابن ماجة، والترمذي، وابن حبَّان⁣(⁣٦).

  وأما الوالد لولده، فالثلاثة في حديث دعوة الإمام هنا، وأما المظلوم، فقد سبق.


(١) سورة المائدة: ٢٧.

(٢) الهاروني في تيسير المطالب: (٣٤٥)، وأخرجه ابن حبَّان في صحيحه: (٢/ ٧٨ رقم ٣٦١)، وأبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: (١/ ١٦٧)، والآجُرِّيُّ، كتاب الأربعون حديثا (١٩٥). وغيرهم

(٣) ذكره المرشد بالله في الأمالي الخميسية: (١/ ٢٦٩ رقم ٩١٤).

(٤) ما بين القوسين ساقط من (أ، ب).

(٥) عن علي # قال: «أربعة لا ترد لهم دعوة: الإمام العادل، والوالد، والمظلوم، والرجل يدعو لأخيه بظهر الغيب»، «والمريض وزوَّاره». ذكره الويسي في السَّفِيْنَةُ المُنْجِيَةُ: (ص ١٥٩)، والإمام زيد في المجموع الفقهي والحديثي (١/ ٩٤ رقم ١٥٠).

(٦) أخرجه ابن ماجة في سننه: (١/ ٥٥٧ رقم ١٧٥٢)، والترمذي في سننه: (٥/ ٥٧٨ رقم ٣٥٧٨) وقال: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ»، وابن حبَّان في صحيحه: (٨/ ٢١٥).