مشاهد الفوائد وشواهد الفرائد،

أحمد بن عزالدين بن الحسن (المتوفى: 941 هـ)

مقدمة

صفحة 12 - الجزء 1

  الأوضاع السياسية كما عبر المؤلف عن ذلك بقوله: «.. وأنه هذا الزمان صارت الإمامة قولاً بلا عملٍ، ورسماً قد عفى وتعطل، حتى كأنه وجب للإمام على المأموم ما لا يقدر أن ينهض به ويقوم ..».

  وفي أثناء بحث المؤلف الاجتماعي عن الأسباب المؤثرة على استقرار النظام السياسي في الدولة ظهرت له جملة من الأسباب سمّاها (آفات) يرى أن لها تأثيراً جسيمًا في ذلك، وقد حصرها في أربع آفات:

  الأولى: الحسد: وهو تمني زوال المنصب عن المحسود، وهو أحد أقوى أسباب التعاسة كما يرى أحد الفلاسفة، وإذا وجه الشخص حسده نحو رئيس أعلى سلطة سياسية في الدولة - الإمام - كان الأثر أشد، مع ما يؤدي إليه ذلك من كثرة الاحتمال⁣(⁣١) والشنآن والخلاف، والإغفال والإهمال، وما ينشأ من كل ذلك من المؤثرات على النظام السياسي.

  الثانية: سوء الظن: وهو عدم الثقة بمن هو لها أهل، ومن ثم حمل ما يصدر من تصرف عن الشخص المسؤول - الإمام أو غيره - أو خبر نقل عنه ممن لا يعتد به على غير السلامة، مما يؤدي ذلك إلى التكاسل عن القيام بالحقوق والبعد والعقوق، والاعتراض والهجر، والأذى والقدح.

  الثالثة: الولاء النفعي: وهو الولاء للحاكم ما لم يصدر منه ما يؤثر على الموالي من الناحية النفعية، كعزله عن وظيفة، أو قلّة عطاء، أو عدم مساواته بأبناء جنسه، ونحو ذلك مما يؤدي إلى التحامل والبعد والاختلاف.

  الرابعة: العصبية والحمية الجاهلية: وهي الانحياز إلى القبيلة في مواجهة القانون أو ما يصدر من جهة السلطة من حقوق مأخوذة من زعمائها أو أفراد منها، مما يؤدي ذلك إلى التحامل والخلاف بل التمرد في كثير من الأحيان، وتعطل تطبيق القانون.


(١) أي التحمل للحسد.