مشاهد الفوائد وشواهد الفرائد،

أحمد بن عزالدين بن الحسن (المتوفى: 941 هـ)

المقدمة الثانية: في الأربع الآفات

صفحة 42 - الجزء 1

  سعد بن عبادة إليه ÷ فأخبره الخبر، فقال له: «فَمَا أَنْتَ يَا سَعْدُ؟»⁣(⁣١) قال: ما أنا إلا واحد من قومي، فجمعهم ÷ وقام فيهم خطيباً وخوفهم بالله، وذكرهم نعماً عظيمة وأيادي جسيمة، من حصول الأُلفة بعد العداوة، ونحو ذلك حتى طابت منهم القلوب وانقشع منها حنادس الكروب.

  وأما الثالث: وهو من يرجع الإمام عن إقطاعه أو يعزله عن ولايته، فللإمام ذلك ولا حرج عليه في سلوك شيء من تلك المسالك، أما الإقطاع فلا يتوهم أنه جارٍ مجرى التمليك فشروطه منتفية هنا، وقد رجع صلى الله عليه في إقطاعه الأبيض بن حمالٍ جبل الملح بمأرب، حين قيل له يا رسول الله: أعلمت ما أقطعته؟ قال: «لَا»، [قيل]⁣(⁣٢): إنما أقطعته العِدّ الذي لا ينفد، فرجع في الحال⁣(⁣٣).

  وأما العزل: فكذلك أيضاً فللإمام أن يعزل ويولي في الوقت الواحد والأوقات المختلفة، وضرورة الدين قاضية بذلك، ذكر في بعض الكتب الحوافل: أن المنصور بالله # اتفق له ثلاثة ولاةٍ لموضع واحد وهو في مكانه، وأكثر ما في الباب أن تكون الولاية جارية مجرى الوكالة، وللموكل أن يعزل الوكيل قبل أن يأخذ في العمل وبعده، وإذا أمعن النظر ونظر بعين التحقيق سُرَّ المعزول بذلك وفرح به، وعرف للإمام حق المنّة؛ لكونه عذره عن حمل هذا الثقيل الذي هو أعسر الأثقال، وفك عليه من تحمل هذه الأمانة التي تبرأت من حملها الجبال، وقد ورد ترهيب عظيم لمن يسارع إلى أي ولاية كانت ولما يجب عليه، فنسأل الله البُعد عمّا يسخطه والقرب لما يرضيه.


(١) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٥٧.

(٢) في نسخة (ب): قال.

(٣) الأموال لابن زنجويه ج ٢ ص ٦١٤.