فصل: [ما يلزم بعد ثبوت الإمامة]:
  أَجْمَعِينَ»(١)، وقال ÷: «مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ بإِمَامِ جَمَاعَةٍ، وَلَا لِإِمَامِ جَمَاعَةٍ فِي عُنُقِهِ [طَاعَةٌ](٢) , [أَمَاتَهُ](٣) اللهُ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»(٤)، وروينا عنه ÷ أنه قال يوم الغدير: «أَلَسْتُ أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ؟»، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ»(٥)، وإنما أراد أنه أحق بالتصرف في أنفسهم، وقد دلّ على ذلك قوله - تعالى -: [{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}[الأحزاب: ٦]، وإذا ثبت ذلك لعلي #، ثبت للأئمة القائمين من ولده؛ إذ لا خلاف في أن إليهم من التصرف في النفوس والأموال ما إلى والدهم أمير المؤمنين.
[ما يجب للإمام على الأمة]:
  إذا عرفت ذلك وتوضح لك ثبوت ولايته على أنفسهم وأموالهم، فنحن نذكر ذلك على جهة التفصيل: فمن ذلك وجوب البيعة إذا طلبها الإمام وصدر منه إلزام؛ لأن طاعته واجبة، وإذا لم يلزمها كانت مستحبة؛ لأنها من شعار الصالحين، قال - تعالى -: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}[الفتح: ١٨]، ومتى انعقدت البيعة وجب الوفاء بها، ولا خلاف في ذلك بين الأمة، وقد وعد الله بالأجر العظيم لمن وفى بيعته، فقال: {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}[الفتح: ١٠]، وقد استحسن الكفار الوفاء بالعهود والذمم، فالمسلمون أجدر لرجائهم وخوفهم من الله تعالى.
  ومن ذلك: تسليم الحقوق الواجبة إليه، فلا يجوز التصرف فيها إلا بأمره، نحو الأعشار، والزكوات، والأخماس، وبيوت الأموال، وصدقة الفطر؛ لقوله ÷:
(١) معرفة الصحابة لأبي نعيم ج ٦ ص ٣٠٠٢.
(٢) في نسخة (أ): بيعة.
(٣) في نسخة (ب): بيعة.
(٤) المعجم الكبير للطبراني ج ١٢ ص ٤٤٠ بلفظ قريب.
(٥) السنة لابن أبي عاصم ج ٢ ص ٦٠٦.