فصل: [في أهم أغراض القيام بالإمامة]:
[كيفية الأمر بالمعروف]:
  فعند اجتماع هذه الشروط: يجب الأمر بالمعروف، ويحسن حينئذٍ أربعة أمورٍ:
  أحدها: اللين والتؤدة في الابتداء، ولا يكون فظاً غليظاً في الكلام؛ لأن الله ø قال لموسى وهارون @ حين بعثهما إلى فرعون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا}[طه: ٤٤].
  وثانيها: أن يكون صبوراً حليماً محتسباً ما أصابه في جنب الله تعالى؛ لأن الله يقول في قصة لقمان: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ}[لقمان: ١٧]، والاقتداء بالأنبياء فقد كانوا يصبرون الصبر العظيم، وقد ذكر الله قصصهم في القرآن الكريم، فقال تعالى حاكياً عن هود لما دعا قومه إلى عبادة الله: {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ٦٦}[الأعراف]، فأجابهم بلين وخُلق عظيمٍ وقال: {قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ ... إلى قوله: وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ٦٨}[الأعراف](١).
  وثالثها: أن يكون غير متشبّه بشيء من طرائق المنكر؛ لئلا يدخل في قوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ}[البقرة: ٤٤].
[مراتب تغيير المنكر]:
  ولتغيير المنكر ثلاث مراتب:
  [الأولى]: التغيير باليد: كأن يجد خمراً مع إنسان وهو يقدر على إراقته، فإنه يريقه بيده.
  الثانية: الزجر باللسان: حيث يعجز عن اليد أو خشي أن يقع في منكر عظيم فإنه يزجره باللسان، ويعظ بقدر الإمكان.
  الثالثة: إذا لم يقدر على الإنكار باللسان فإنه يغنيه الانتقال عن نظر المنكر
(١) {قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٦٧ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ٦٨}[الأعراف].