مشاهد الفوائد وشواهد الفرائد،

أحمد بن عزالدين بن الحسن (المتوفى: 941 هـ)

فصل: [في أهم أغراض القيام بالإمامة]:

صفحة 55 - الجزء 1

[كيفية الأمر بالمعروف]:

  فعند اجتماع هذه الشروط: يجب الأمر بالمعروف، ويحسن حينئذٍ أربعة أمورٍ:

  أحدها: اللين والتؤدة في الابتداء، ولا يكون فظاً غليظاً في الكلام؛ لأن الله ø قال لموسى وهارون @ حين بعثهما إلى فرعون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا}⁣[طه: ٤٤].

  وثانيها: أن يكون صبوراً حليماً محتسباً ما أصابه في جنب الله تعالى؛ لأن الله يقول في قصة لقمان: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ}⁣[لقمان: ١٧]، والاقتداء بالأنبياء فقد كانوا يصبرون الصبر العظيم، وقد ذكر الله قصصهم في القرآن الكريم، فقال تعالى حاكياً عن هود لما دعا قومه إلى عبادة الله: {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ٦٦}⁣[الأعراف]، فأجابهم بلين وخُلق عظيمٍ وقال: {قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ ... إلى قوله: وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ٦٨}⁣[الأعراف](⁣١).

  وثالثها: أن يكون غير متشبّه بشيء من طرائق المنكر؛ لئلا يدخل في قوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ}⁣[البقرة: ٤٤].

[مراتب تغيير المنكر]:

  ولتغيير المنكر ثلاث مراتب:

  [الأولى]: التغيير باليد: كأن يجد خمراً مع إنسان وهو يقدر على إراقته، فإنه يريقه بيده.

  الثانية: الزجر باللسان: حيث يعجز عن اليد أو خشي أن يقع في منكر عظيم فإنه يزجره باللسان، ويعظ بقدر الإمكان.

  الثالثة: إذا لم يقدر على الإنكار باللسان فإنه يغنيه الانتقال عن نظر المنكر


(١) {قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٦٧ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ٦٨}⁣[الأعراف].