مشاهد الفوائد وشواهد الفرائد،

أحمد بن عزالدين بن الحسن (المتوفى: 941 هـ)

فصل: [موالاة من عادى الإمام]:

صفحة 61 - الجزء 1

  كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ٨٠ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ٨١}⁣[المائدة].

  ولا خلاف بين الأمة أن ذلك حرام، قال الإمام المهدي في (تكملة الأحكام) ما لفظه: «وذلك معلوم من دين الأمة ضرورة، فمن أنكره فسق، وفي كفره تردد، [و] يحتمل التكفير؛ لقوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا}⁣[المجادلة: ٢٢] الآية، وقوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}⁣[المائدة: ٥١]»⁣(⁣١).

  ووقفت على كلامٍ لبعض العلماء قال فيه: إن الإمام المنصور بالله # قال: «من عاضد المشركين كان كافراً سواء كان عند نفسه مصيباً أو مخطئاً»، وهذا يشهد بكفر من عاضد الجبرية من الزيدية، وهذا هو مذهب الإمام أحمد بن الحسين، ولقد تكلم في رسالة على ذلك وأطال المعنى وذكر أنه مذهب المنصور #.

  ولا فرق بين أن يواليه بقلبه وينطوي على محبته ومودته والرفع لمنزلته، وبين أن يواليه بيده بأن يذبّ عنه ويحمي عن حوزته ويدافع المحقين عنه، ويمنع من إنزال الأحكام عليه، أو يواليه بلسانه وينصحه ويسره، فإن هذه خيانة لله ولإمام المسلمين وهي محرمة، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٢٧}⁣[الأنفال]، وهذه الآية نزلت في أبي لبابة لما نصح بني قريظة وقد أرسله ÷ إليهم، فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه، فرّق لهم، قال: نعم، وأشار بيده إلى حلقه - إنه الذبح - لأن أبا لبابة من الأوس وبنو قريظة حلفاء لهم، قال أبو لبابة: «فوالله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله»، ثم انطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله ÷ حتى ارتبط في المسجد في عمود من عمده، وقال: لا


(١) تكملة الأحكام ص ٧٢.