مشاهد الفوائد وشواهد الفرائد،

أحمد بن عزالدين بن الحسن (المتوفى: 941 هـ)

فصل: [في معاداة الإمام والبغي عليه]:

صفحة 62 - الجزء 1

  أبرح من مكاني هذا حتى يتوب الله علي مما صنعت، وعاهد الله: أن لا أطأ بني قريظة أبداً ولا أرى في بلدٍ خنت الله ورسوله فيه أبداً⁣(⁣١).

  قال ابن هشام: «أقام أبو لبابة مرتبطاً بالجذع ست ليال، تأتيه امرأته في كل وقت صلاة، فتحل عنه للصلاة، ثم يعود فيرتبط بالجذع حتى نزل قول الله ø: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ١٠٢}⁣[التوبة](⁣٢).

فصل: [في معاداة الإمام والبغي عليه]:

  معاداة الإمام والبغي عليه: محرم، ومعاداته تكون بالقلب واليد واللسان، فالمعاداة بالقلب خطأ؛ لأنه إخلال بواجب عليه وهي موالاة الإمام؛ لأنه رأس المؤمنين وموالاتهم واجبة، ومعنى معاداته بالقلب أن يريد نزول المضرة به من الله أو من غيره.

  قلت: ولا يبعد أن تكون هذه كبيرة توجب الفسق، وأن من رضي بأمرٍ فكأنه فعله، ألا ترى أن الله تعالى حكم على بني إسرائيل في وقت رسول الله ÷ بأنهم قاتلون للأنبياء الذين قتلهم أسلافهم؛ فقال تعالى: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}⁣[البقرة: ٩١]، وزمانهم غير زمانهم، ومكانهم غير مكانهم؛ لما كانوا مطابقين لهم على الرضى بتلك الأفعال.

  ومن عاداه بلسانه فهو فاسق؛ لأن الأذى باللسان كالأذى بالسنان.

  ومن عاداه بيده فهو محارب.

  واعلم أن من عادى الإمام فقد صار عدواً لله؛ لأن معنى عداوة العبد لله أحد وجهين:


(١) سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٢٣٧.

(٢) سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٢٣٨.