فصل: [في معاداة الإمام والبغي عليه]:
  - إما تركه لفرائضه وفعله لمحارمه.
  - وإما أن يكون متناولاً لمعاداة أولياء الله فيقال عدو الله، والمراد عدو أولياء الله على تقدير مضافٍ، وهذا كثير في القرآن مثل: {وَجَاءَ رَبُّكَ}[الفجر: ٢٢] أي أمر ربك، {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف: ٨٢] أي أهل القرية، ويسميه أهل [أصول الفقه](١) مجاز حذفٍ.
  قلت: ومن عادى الإمام فإنه يصح فيه كِلَا التفسيرين:
  - أما على التفسير الأول: فلأنه قد ترك شيئاً من مهم الواجبات، وهي نصرة الإمام والجهاد معه، وكذلك ارتكب معاداة الإمام، وهي محرمة بالإجماع.
  - وأما على التفسير الثاني: فظاهر، فإن الإمام من أولياء الله فيكون عدواً لله لا محالة، والباغي فاسق بالإجماع لا العكس.
[حقيقة الباغي]:
  والبَاغي: «من يظهر أنه محق والإمام مُبطل، وحاربه أو عزم، وله منعة»، والبغي مصرعة لأهله، وفي القرآن الكريم ثلاث آياتٍ دالة على [أن](٢) وبال البغي على صاحبه، وهي: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ}[يونس: ٢٣]، {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}[فاطر: ٤٣]، {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ}[الفتح: ١٠]، هذه الآيات بمعنى واحدٍ، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ٩٠}[النحل]، وهكذا كانت العرب تعتقد وينهون عنه، لذلك قال بعض رؤساء العرب وساداتهم(٣) وقد أقام مع النَّمِر بن قاسط متزوجاً فيهم، فقال يوصيهم: «اعلموا أن لكم عليّ حقاً وسآمركم بخصال،
(١) في نسخة (أ): الأصول.
(٢) من نسخة (أ).
(٣) قيس بن زُهير العبسي.