الأدب الأول: [في التعقل والحلم]:
الباب الثالث: فيما ينبغي معاملة الإمام به
  هذا الباب يحتاج إليه وإلى الاعتماد على ما فيه، من يصحب الإمام ويصير مخالطاً له وملازماً في أكثر الأوقات، ولا سلامة له في دينه، ولا صلاح لدنياه إلا بأن لا ينبذ شيئاً من الآداب التي نذكرها، وهي سبعة:
الأدب الأول: [في التعقل والحلم]:
  أن يكون عاقلاً حليماً صبوراً، قائماً بالحقوق، عارفاً بما يجب لإمامه عليه، فاهماً لحق الإمام وعلو درجته، وارتفاع منزلته، وأنه في محل الرسول، ويجب للمستخلَف ما يجبُ للمستخلِف، وليكن أديباً صبوراً إذا رأى ما لا يوافقه، ولا يكن مبادراً إلى الإعتاب؛ فإنها إذا كثرت فعلت بالصحبة كما يفعل كثير الملح بالطعام، وإن كان لا بأس بالقليل منه، والاكتفاء بالإشارة؛ فإنه صفاء للأفئدة ومقوٍ لأمراس المودة الأكيدة، قال مولانا الوالد أمير المؤمنين(١) في بعض أشعاره:
  أَهلاً وَسَهلاً بِالْعِتَابِ فَإنَّهُ ... لَهُ فِي التَّصَافِي والمودّة مَوقعُ
  وليصُن نفسه عن التضمخ بشيء من الرذائل وسوء الطبائع، ويطهر ذيله من معاصي الله تعالى، ويقف على ما افترضه الله، ويتدحّن(٢) عن [مواقف](٣) التهم؛ لأن هذه إمامة، ولا أكره عند الإمام وأبعد منزلة ممن يعصي الله تعالى.
الأدب الثاني: [في الصمت وقلّة الكلام]:
  أن يكون قليل الكلام، تاركاً من فضول الحديث ما لا يعنيه، مكتفياً منه بما يحتاج حسب ما يقتضيه المقام والحال من الإطناب والإيجاز؛ لأن كثرة الكلام أشق ما يكون على الإمام لأنه ذو أشغالٍ وصنوف كثيرة من الأعمال، لا يفتر عن
(١) الإمام الهادي إلى الحق عز الدين بن الحسن، المتوفى سنة ٩٠٠ هـ.
(٢) بالعامية ويعني يبتعد.
(٣) في نسخة (ب): مواضع.