مشاهد الفوائد وشواهد الفرائد،

أحمد بن عزالدين بن الحسن (المتوفى: 941 هـ)

الآفة الثانية: [سوء الظن]:

صفحة 36 - الجزء 1

  إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}⁣[الحجرات: ١٢]، وفي الأثر عنه صلى الله عليه [وعلى آله وسلم]⁣(⁣١): «إِذَا رَأَيْتُمْ أَحَدَكُمْ فِي خَصْلَةٍ تَسْتَنْكِرُونَهَا، فَتَأَوَّلُوا لَهُ نَيِّفاً وَسَبْعِينَ تَأْوِيلاً»⁣(⁣٢)، وقال تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}⁣[الحجرات: ٦]، وقال [علي]⁣(⁣٣) #: «أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَرَفَ مِنْ أَخِيهِ وَثِيقَة دِينٍ وَسَدَادَ طَرِيق، فَلاَ يَسْمَعَنَّ فِيهِ أَقَاوِيلَ النَّاسِ؛ أَمَا إِنَّهُ قَدْ يَرْمِي الرَّامِي وَتُخْطِيءُ السِّهَامُ»⁣(⁣٤)، وإذا كان ذلك واردا في كافة المسلمين فكيف بأمير المؤمنين! الذي برز في ميدان الكمال، وجمع الخصال، ونال في طاعة ربه أبلغ منال، وصار خليفةً للرسول، ورُزق حظاً وافراً في العلوم المعقول منها والمنقول، ومع ذلك يتحقق أن المتصدر لهذا الشأن، والمتحمل لهذه الاثقال - وهو القائم الحاصلة فيه جميع الشرائط المعتبرة - أحرص الناس على إصلاح نفسه، وأكثرهم تعويلاً على الخلاص والانفكاك عن مداحض التبار والهلاك، لا سيما إذا لم يكن له من ذلك فائدة، ولا تعود عليه منه عائدة.

[من ظهر له الاشتباه في تصرفات الإمام]:

  ولنتكلم فيما يتوجه على من عرض له الاشتباه، وعدم الفهم لوجه الحكمة فيما فعل والانتباه، ولنأتي بما أمكن من المعاني ويسّر الحق من المباني بتوفيق الله تعالى.

  فنقول: لا يخلو هذا الفعل المستشنع وقوعه من قائم الزمان: إما أن يقطع بأن لا وجه له في الشرع الشريف والدين الحنيف يسوغه ويقتضيه أو لا؟


(١) من نسخة (ب).

(٢) في مصباح الشريعة ص ١٧٩ عن أبي بن كعب: «إذا رأيتم أحد إخوانكم في خصلة تستنكرونها منه، فتأولوها بسبعين تأويلاً، فإن اطمأنت قلوبكم على أحدها وإلا فلوموا أنفسكم؛ حيث لم تعذروه وأن تقدروا في خصلة يسرها عليه سبعين تأويلاً فأنتم أولى بالإنكار على أنفسكم منه».

(٣) من نسخة (ب).

(٤) شرح نهج البلاغة ج ٩ ص ٧٢ عن أمير المؤمنين موقوفاً.