الآفة الثانية: [سوء الظن]:
  عليهم وكان ذلك كالعقوبة لهم، قال ابن عباس ®: «لو ذبحوا أي بقرة لأجزأتهم، لكنهم عسروا فعسر الله عليهم»(١) هذا لفظه أو كما قال.
[إذا لم يكن لفعله وجه في الشرع]:
  وإن كان الأول: وهو أن يقطع بأن لا وجه له في الشرع، فذلك كأن يكون ما صدر من الإمام مصادماً لقرآن قطعي، أو حديث قطعي الدلالة والمتن، أو إجماع قطعي، ولو في المسائل العمليات، فإن شيئاً منها إذا كان الدليل فيه قطعياً كان الحق مع واحد، وإن كان يسوغ فيه التقليد؛ لأدلة قامت على ذلك مذكورة في أصول الفقه في مواضعها، فإذا صدر ما ذكر وجب حينئذ النصيحة واستصحب معها حسن النيّة؛ [لما روي] عنه ÷: «أَلَا إِنَّمَا الدِّينُ النَّصِيحَةُ قَالَهَا ثَلَاثًا»، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لِلَّهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ، وَلعَامَّتِهِمْ»(٢).
  والمراد بنصيحة الأئمة: بأن يجيبهم، ولا يبغي عليهم، ولا يدع عنهم رأياً ولا شيئاً فيه مصلحة لهم، وأن يدعو بالنصرة، ويحثّ الناس على إجابتهم، وهذا دأب الخل الناصح، والوزير الصالح، أن ينبّه إمامه إذا غفل، ويذكره إذا سها، قال عمر بن الخطاب لبعض الصحابة: «كيف وجدتموني؟» قالوا: «مستقيماً، ولو ملت لقومناك» فقال عمر: «الحمد لله الذي جعلني في قوم إذا ملت قوموني»(٣)، وكما يقال: «إن صديقك منْ صدقَكَ، لا مَنْ صدّقَكَ»، ومن كلام أهل الحكمة: «عليك بمن ينذر الإبسال(٤) والإبلاس(٥)، وإياك ومن يقول لا بأس ولا تأس(٦)».
(١) الفصول في الأصول للرازي ج ١ ص ١٢٥.
(٢) مسند الشافعي ص ٢٣٣.
(٣) الزهد لابن المبارك ص ١٧٩.
(٤) الإبسال: الهلاك.
(٥) الإبلاس: اليأس.
(٦) لا تأس: أي لا تحزن.