الآفة الثالثة: [الإغفال والإهمال]:
  واعلم وفقك الله وإيانا إلى ما يرضيه: أن الخطأ جائز على الكل، وأنه لا يكاد يسلم منه أحد من البشر حتى الأنبياء صلوات عليهم مع ثبوت العصمة لهم، وقد عاتبهم الله سبحانه وعد لهم ذنوباً فقال: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}[طه: ١٢١]، وقال لمحمد - عليه أفضل الصلاة والسلام -: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ}[التوبة: ٤٣]، وعاتبه على افتداء الأسارى حتى قال: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٦٨}[الأنفال]، وقال ÷: «وَاللَّهِ لَوْ نَزَلَ بِنَا عَذَابٌ مِنَ السَّمَاءِ لَمَا نَجَا مِنْهُ إِلَّا عُمَرُ»(١)؛ لأنه لم يكن رأى ما رأوه، وكذلك أمير المؤمنين وهو القوي الأمين في توليته محمد بن أبي بكر لمصر وعزله لقيس بن سعدٍ:
  لقد زللت زلةً لا أعتذر ... سوف أكيس بعدها وأعتبر
  وأجمع الرأي الشتيت المنتشر ... [وقد يزل المرء والرأي الحذر]
  ومع ذلك فلم يخرجوا À من أن يكونوا صفوة الله من خلقه، وأمناءه على وحيه.
الآفةُ الثالثة: [الإغفال والإهمال]:
  أن يكرّ المعتقد على أصله في الإمامة بالإبطال، ويرجع إلى الإغفال لحقوق الإمام والإهمال؛ لعدم حصول غرض من أغراض الدنيا: من قلّة عطاء، أو قطع وظيفةٍ يعتادها، أو كونه لم يجعل كغيره من أبناء جنسه، أو يرجع الإمام عن إقطاع أقطعه إياه، أو يعزل والياً قد ولاه، وهذه الآفة لا تتمكن من قلوب العارفين، ولا تستقر في صدور أهل الدين، وقد صار هذا حال أهل الزمان الذي أخبر عنه صلى الله عليه بغرابة الأديان(٢)، فالله المستعان.
(١) مغازي الواقدي ج ١ ص ١١٠.
(٢) عن النبي ÷: «إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيباً» سنن الترمذي ج ٥ ص ١٨.