مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الحجج المنيرة على الأصول الخطيرة

صفحة 108 - الجزء 1

  وقد أشار بقوله #: «ونحو ذلك من التأويلات» إلى أَنَّ المقصودَ الحملُ عَلَى خلافِ الظاهرِ بأيِّ تأويلٍ مُمْكِنٍ؛ فإنَّ القَرَائِحَ والْفِطَنَ متباينةٌ، والأَنظارَ متفاوتة، فمن لم يَسُغْ لَهُ هذا، أَو رَأَى غيرَهُ أَرجحَ منه عَدَلَ إليه، ومَنْ تَعَذَّرَ كلُّ ذلك عليه فَقَدْ وَجَبَ عليه اطِّرَاحُهُ، كما تقدَّمَ بيانُه، {لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ}⁣[البقرة: ٢٨٦].

  وهي مِنَحٌ ربانية، وقِسَمٌ إلهية، {ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ}⁣[المائدة: ٥٤] {يَخۡتَصُّ بِرَحۡمَتِهِۦ مَن يَشَآءُۗ}⁣[آل عمران: ٧٤].

  وقد اخْتَصَّ اللَّهُ تعالى أَهْلَ بيتِ نبيئه ÷ بالحظِّ الأوفر، والنصيبِ الأكبر، لَمَّا أَهَلَّهُم اللَّهُ تعالى مِن وِراثةِ كتابِهِ، وحمايةِ دينِهِ، ونَالَتْهُم دعوةُ جَدِّهم ÷: «اللَّهُمَّ اجْعَل العِلْمَ وَالْحِكْمَةَ في عَقِبِي وَعَقِبِ عَقِبِي، وَزَرْعِي وَزَرْعِ زَرْعِي»⁣(⁣١).

  وكَمَا قَالَ ÷: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَحْيَا حَيَاتِي وَيَمُوتَ مَمَاتِي وَيَسْكُنَ جَنَّةَ عَدْنٍ التي وَعَدَنِي رَبِّي فَلْيَتَولَّ عَلِيًّا وَذُرِّيَّتَهُ مِنْ بَعْدِي، وَلْيَتَوَلَّ وَلِيَّهُ، وَلْيَقْتَدِ بِأَهْلِ بَيْتِي فَإِنَّهُمْ عِتْرَتِي، خُلِقُوا مِنْ طِينَتي، وَرُزِقُوا فَهْمِي وَعِلْمِي» الخبر⁣(⁣٢).

  جعلنا اللَّهُ تعالى ممن اقتدى بآثارِهِم، واهتدى بأنوارِهِم.

  نعم، وقد أفادَ الإمامُ # فائدةً جليلةً بما سَاقَهُ من قوله: «ولا يقدحُ ذلك في الناقلِ ولا في كتابِه»، وأَوضحَ الاستدلالَ عليه، وهي مهمةٌ عُظمى، وفائدةٌ كبرى قَلَّ مَنْ يَتَنَّبَهُ لها إلَّا أَهْلُ الحَلِّ وَالْعَقْدِ مِن أَمثالِ هؤلاءِ الرجالِ الراسخةِ أَفهامُهُم، والثابتةِ أقدامُهُم في كلِّ مقال، ولَدَى كلِّ مَجَال.


(١) رواه الإمام المرشد بالله # في (الأمالي الخميسية)، إلَّا أنَّه قد سقط لفظ هذا الحديث الشريف من المطبوعة، وهو ثابتٌ في النسخ الخطية، وعليه فيكون موقعه في المطبوعة (١/ ١٥٦)، بعد حديث: «قَالَ لِي جِبْرِيلُ #: يَا مُحَمَّدُ قَلَّبْتُ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فَلَمْ أَجِدْ وَلَدَ أَبٍ خَيْرًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ»، فليصحّح، والله تعالى الموفق.

(٢) انظر ديباجة كتاب لوامع الأنوار للإمام الحجة مجدالدين المؤيدي #.