الحجج المنيرة على الأصول الخطيرة
  فَتَرَى كثيرًا مِمَّن لَم يَعضَّ عَلَى العلومِ بِضِرْسٍ قاطع، ولا ضَرَبَ في الفنونِ بِفَهْمٍ نافع، يَدْمُجُ الإِشْكَالَ عُمومًا، ويُصَيِّرُ المعلومَ مَوهومًا، فإذا أَشْكَلَ عليه في المؤلَّفِ شيءٌ رَمَاهُ بالقَدْح، وَسَارَعَ إلى مُؤلِّفِهِ بالجَرْح، وذلك لِعَدَمِ الْمُسْكَة(١)، وفُقْدَانِ الْمَلَكَة، ولا لَومَ عليه في ذلك.
  ولكنَّ صاحبَ الورعِ الشحيحِ لا يُقْدِمُ ولا يُحْجِمُ إلَّا عن بَصيرة؛ فإنَّ الأَمْرَ لا سيما في هذا الشأنِ عظيم، {أَفَمَن يَمۡشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦٓ أَهۡدَىٰٓ أَمَّن يَمۡشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ٢٢}[الملك].
  وقد تَطَاوَلَ الكلامُ بما ساقت إليه الأَبحاث، حتى كاد يَخْرجُ عن المقام، ولكنَّ الحديثَ ذو شجون، ولا يخلو إن شاءَ اللَّهُ تعالى عن فوائدَ تُحَقِّقُ للراغبين ما يَرجون، ويُؤخَذُ الجوابُ عن هذا السؤالِ وعَمَّا شَاكَلَهُ من تلك الغصون، ومن اللَّهِ تعالى أَسْتَمِدُّ حُسْنَ التوفيقِ والهدايةِ في البدايةِ والنهاية؛ إنَّه قريبٌ مجيب.
  وعليكم السلامُ الجزيل، والإكرامُ والتبجيل، في كلِّ بُكْرَةٍ وأَصِيل.
  قال في الأم: حرر بتاريخه: شهر رجب سنة/ ١٣٦٥ هـ.
  كتبه المفتقر إلى اللَّه سبحانه: مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي عفا اللَّه عنهم.
  ¿ وإعانته زبرًا في يوم الأحد ٢٤ شهر رجب سنة ١٣٧٠ هـ، بقلم أسير الذنوب راجي رحمة علام الغيوب علي بن يحيى شيبان لطف اللَّه به في الدارين آمين.
  قال في الأم المنقول عليها هذه النسخة ما لفظه:
(١) قال في (القاموس): «الْمُسْكَةُ - بالضم -: ما يُتَمَسَّكُ به، وما يُمْسِكُ الأَبْدَانَ مِنَ الغِذاءِ والشَّرابِ، أو مَا يُتَبَلَّغُ به منهما، والعَقْلُ الوافِرُ».
وقال ابن سيده في (المحكم): «ورجل ذو مُسْكَة، ومسك: أي رأي وعقل يرجع إليه».
وقال في (المصباح): «وَالْمُسْكَةُ - وِزَانُ غُرْفَةٍ - مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مَا يُمْسِكُ الرَّمَقَ، وَلَيْسَ لِأَمْرِهِ مُسْكَةٌ: أَيْ أَصْلٌ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. وَلَيْسَ لَهُ مُسْكَةٌ: أَيْ عَقْلٌ. وَلَيْسَ بِهِ مُسْكَةٌ: أَيْ قُوَّةٌ».