مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[ديباجة الكتاب]

صفحة 113 - الجزء 1

  وَمِثْلُ ذَلِكَ أَمْرٌ كَبِير، وَخَطْبٌ خَطِير، {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَٰدِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَلَا هُدٗى وَلَا كِتَٰبٖ مُّنِيرٖ ٨}⁣[الحج]، زَاعِمًا أَنَّهُ نَاهٍ عَنِ البِدَعِ وَفِيهَا وَقَع، وَارْتَبَكَ فِي ضَلَالِهَا وَرَتَع، وَمِنْ آجِنِ كَدَرِهَا وَآسِنِ مُتَغَيِّرِهَا كَرَع⁣(⁣١)، فَتَحَتَّمَ عَلَيْنَا الْجَوَاب، وَوَجَبَ إِزَاحَةُ مَا بِهَا مِنَ الشُّبَهِ الضَّئِيلَةِ الَّتِي هِيَ أَشْبَهُ بِلَمْعِ السَّرَاب، لِمَا لا يُؤْمَنُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهَا مَنْ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْخَطَإِ وَالصَّوَاب، فَتُوقِعُهُ - لِضَعْفِ البَصِيرَةِ - في الْحَيْرَةِ⁣(⁣٢) وَالشَّكِّ وَالارْتِيَاب، لِمَا أَخَذَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ البَيَانِ فِي مُحْكَمِ القُرآنِ وَالسُّنَّةِ مِنْ أَمْثَالِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلۡنَا مِنَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلۡهُدَىٰ ...} الآيَةَ [البقرة ١٥٩].

  وَلِقَوْلِهِ ÷: «إِذَا ظَهَرَتِ الْبِدَعُ وَلَمْ يُظْهِرِ العَالِمُ عِلْمَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»، وَلِقَوْلِهِ ÷: «مَنِ انْتَهَرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ مَلَأَ اللَّهُ قَلْبَهُ أَمْنًا وَإِيمَانًا»⁣(⁣٣)، وَقَدْ قَالَ ÷: «إِنَّ عِنْدَ كُلِّ بِدْعَةٍ يُكَادُ بِهَا الإِسْلَامُ مِنْ بَعْدِي وَلِيًّا مِنْ أَهْلِ بَيْتي، يُعْلِنُ الْحَقَّ وَيُنَوِّرُهُ، وَيَرُدُّ كَيْدَ الكَائِدِينَ، فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ، وَتَوَكَّلُوا عَلَى اللَّهِ»⁣(⁣٤).


(١) «(الْآجِنُ): الْمَاءُ الْمُتَغَيِّرُ الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ، وَقَدْ (أَجَنَ) الْمَاءُ، مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَدَخَلَ، وَحَكَى الْيَزِيدِيُّ (أَجِنَ) مِنْ بَابِ طَرِبَ فَهُوَ (أَجِنٌ) عَلَى فَعِل».

- «(الْآسِنُ) مِنَ الْمَاءِ مِثْلُ الْآجِنِ، وَقَدْ (أَسَنَ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَدَخَلَ، وَ (أَسِنَ) فَهْوَ (أَسِنٌ) مِنْ بَابِ طَرِبَ لُغَةٌ فِيهِ».

- «(كَرَعَ) فِي الْمَاءِ: تَنَاوَلَهُ بِفِيهِ مِنْ مَوْضِعِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْرَبَ بِكَفَّيْهِ وَلَا بِإِنَاءٍ، وَبَابُهُ خَضَعَ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى مِنْ بَابِ فَهِمَ». تمت من (مختار الصحاح).

(٢) «(حَارَ) يَحَارُ (حَيْرَةً) وَ (حَيْرًا) - بِسُكُونِ الْيَاءِ فِيهِمَا -: تَحَيَّرَ فِي أَمْرِهِ فَهُوَ (حَيْرَانُ)، وَقَوْمٌ (حَيَارَى).

وَ (حَيَّرَهُ فَتَحَيَّرَ)، وَرَجُلٌ (حَائِرٌ) بَائِرٌ إِذَا لَمْ يَتَّجِهْ لِشَيْءٍ. وَ (الْحِيرَةُ) - بِالْكَسْرِ -: مَدِينَةٌ بِقُرْبِ الْكُوفَةِ». تمت من (مختار الصحاح).

(٣) (مسند الشهاب) للقضاعي (١/ ٣١٨) رقم (٥٣٧).

(٤) رواه الإمام أبو طالب # في (الأمالي) (ص/١٧٨) ط: (مؤسسة الإمام زيد بن علي (ع)). ورواه الإمام المرشد بالله # في (الأمالي) (٢/ ٣٠٧)، والديلمي في (الفردوس) (١/ ١٨٦) رقم (٦٩٧)، وأبو نُعَيْمٍ في (حلية الأولياء) (١٠/ ٤٣٤)، رقم (١٥٧٥٩) بلفظ: «إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ بِدْعَةٍ تَكِيدُ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ: مَنْ يَذُبُّ عَنْهُ، وَيَتَكَلَّمُ بِعَلَامَاتِهِ، فَاغْتَنِمُوا تِلْكَ الْمَجَالِس، وَالذَّبَّ عَنِ الضُّعَفَاءِ، =