الثواقب الصائبة لكواذب الناصبة
  دليلاً ظنيًّا؛ للزوم التكليفِ بما لا يُطَاق، واللَّهُ سبحانه يتعالى عنه، وقد ذَمَّ الظنَّ وقال: {إِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغۡنِي مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡـًٔاۚ}[يونس: ٣٦]، {وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ}[الإسراء: ٣٦].
  ولا يحتمل التأويل - بإخراج العِلْم والظَّنِّ عن حقيقتهما من التحريف والتبديل(١) -؛ إذ هو لغير دليل، بل قام الدليلُ القطعيُّ عَلَى قُبْحِ الاعتماد عَلَى الظنِّ في الأصول قطعًا، واتِّفَاقًا بين أهل العَدْل، مع قيام الدليلِ الشرعيِّ عَلَى ذلك؛ ولأنَّه الذي يوجبه الوَضْعُ، كما قَرَّرَه المحققون.
  نعم، مع أَنَّ الوعدَ مُعَلَّقٌ عَلَى الوصف بالإيمانِ والعملِ الصالح، وقد خَرجوا عن الإيمانِ بعد الكبير من العِصيان؛ لقيام الأدلةِ المحكمةِ الأساس، الْمُبْرَمَةِ الأَمْرَاس(٢) عَلَى أَنَّ الإيمان: الإتيانُ بالواجبات، واجتنابُ الْمُقَبَّحَات، من أمثالِ قولِهِ ø: {إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ...}[الأنفال: ٢] إلخ(٣)، {قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ١}[المؤمنون]، إلخ(٤)، كما قَرَّرَ الاستدلالَ بها أَئِمَّةُ الآلِ À، حَمَلَةُ المعقول والمنقول، منهم نجمُ آلِ الرسول، وشيخُ أسباط الوصي والبتول أبو محمد القاسمُ بنُ إبراهيمَ عليه وعَلَى سَلَفِهِ وخَلَفِهِ أفضلُ الصلاةِ والتسليم.
(١) أي أنَّ التأويل للعِلْمِ والظَّنِّ بإخراجِهِمَا عن حقيقتِهِمَا: تحريفٌ وتبديل، وخلافُ ما قام عليه الدليل.
(٢) الْمَرَسَةُ - مُحَرَّكَةً -: الحبْلُ؛ لتَمَرُّسِ قُوَاه بَعْضِها عَلَى بَعْضٍ. جمعه مَرَسٌ - بغير هاءٍ -، وجَمْعُ الجَمْعِ: أَمْرَاسٌ. انتهى بتصرف من (تاج العروس).
(٣) والآيات بتمامها: {إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ ٢ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ٣ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقّٗاۚ لَّهُمۡ دَرَجَٰتٌ عِندَ رَبِّهِمۡ وَمَغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ ٤}.
(٤) والآيات بتمامها ﷽ {قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ١ ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ ٢ وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَنِ ٱللَّغۡوِ مُعۡرِضُونَ ٣ وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِلزَّكَوٰةِ فَٰعِلُونَ ٤ وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِفُرُوجِهِمۡ حَٰفِظُونَ ٥ إِلَّا عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ فَإِنَّهُمۡ غَيۡرُ مَلُومِينَ ٦ فَمَنِ ٱبۡتَغَىٰ وَرَآءَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡعَادُونَ ٧ وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِأَمَٰنَٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَٰعُونَ ٨ وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَوَٰتِهِمۡ يُحَافِظُونَ ٩ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡوَٰرِثُونَ ١٠ ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلۡفِرۡدَوۡسَ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ١١}.