مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الثواقب الصائبة لكواذب الناصبة

صفحة 185 - الجزء 1

  وقد اعترض السيدُ محمد بن إسماعيل الأمير في (الدراية) استدلالَ ابنِ الإمامِ في (شرح الغاية) بهذه الآية وغيرها.

  وقد حَرَّرَتُ عليه ما فيه إن شاء اللَّهُ تعالى الكفاية، لأُولِي الحجا والهداية، امتثالًا لقوله تعالى: {ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ}⁣[النحل: ١٢٥].

  فمن أرادَ مراجعتَهَا فهي مُفْرَدَةٌ مستقلّةٌ هنالك في ذلك المقام، وقد وَسَمْنَاهَا: بـ (الفلق المنير بالبرهان في الرد لما أورده ابن الأمير على حقيقة الإيمان).

  وعسى اللَّه تعالى أن ينفع به، ويجعلَه من السعي المبرور، والعَمَلِ المشكور، فقد وَقَعَ إبلاغُ الجدّ، وبَذْلُ الجهد؛ لأنَّ هذا السيدَ احتفل في النَّقْضِ لهذا الأصلِ العظيم الشأن، القويم البنيان، بغايةِ الإمْكَان، مَعَ تمكنه من الإيرادات، وتصريفِ العبارات، وتمويهِ الإشكالات، ومثلُهُ أَعظمُ خَطَرًا، وأَشَدُّ ضَرَرًا عَلَى مَن لم يكن ذا قَدَمٍ ثابت، ومَلَكَةٍ راسخة.

  نعم، وإذا خَرَجُوا عنه⁣(⁣١) بَطَلَ ما عُلِّقَ عليه وعُلِّل به من الوَعْدِ بالجِنَان.

  وأَمَّا محاولةُ الإخراجِ والتخصيصِ بتقدير ما لم يَدل عليه دليل، ولا يَنْتَهِجُ إليه سبيل؛ فإنَّه بلا ريبٍ تحريفٌ وتبديل، لاسيما بِجَعْلِ الخطابِ عَلَى غير ما عُلِّقَ عليه، أو مُقْتَرِنًا بما لم ينسق إليه، حتى يصيرَ غيرَ متلائمٍ نَظْمُه، ولا متناسِبٍ حُكْمُه، فحاشا كلامَ الحكيمِ الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا مِنْ خَلفه، أو بأنْ يَصير إلى القول بالخروج من النار، الذي قد حَكَاه وأَبْطَلَه العزيزُ الجبار، وحَكَمَ عَلَى كُلِّ مَنْ كَسَبَ سيئةً وأَحَاطَتْ به خَطيئاتُهُ عَلَى رَغْمِ آنافِ اليهود، وغيرِهِم من أهل الزيغ والعنود.

  ومنها: أَنَّه قد عُلِمَ مِن دِينِ الرسولِ ÷ ضرورةً لحوقُ الوعيدِ بأهل


(١) عن الوصف بالإيمان والعمل الصالح.