مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الثواقب الصائبة لكواذب الناصبة

صفحة 190 - الجزء 1

  عن الْغِيبَةِ حتى خَرَجَ به الحال إلى التأويلِ لِفِرَقِ الضلال، والتكلفِ للجمع بين صرائح الحق، وفضائحِ الباطلِ المختلق، فجرَّأهُ ذلك إلى الاعتراضِ عَلَى رسول اللَّه ÷ فيما اتَّفَقَت عليه الأمَّةُ من ذَمِّهِ للقَدَرِيَّةِ الذين تَأوَّلَ لهم، وعَلَى⁣(⁣١) كافةِ الأَئِمَّة؛ إذ مباراتُهُم لهم بالسيفِ والسنان، والقلم واللسان في جميع الأزمان، لا يَحتاجُ إلى بيان.

  ثم إنَّ اللَّهَ يقول: {فَمَاذَا بَعۡدَ ٱلۡحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَٰلُۖ}⁣[يونس: ٣٢]، {وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَآءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ}⁣[المؤمنون: ٧١].

  ورسولَ اللَّه ÷ أخبر بأنَّ أُمَّتَهُ ستفترقُ إلى نَيِّفٍ وسبعين فِرْقَةً، كلّهَا هالكة إلَّا فرقة، وكم آيَاتٍ تُتْلَى، وأَخبارٍ تُمْلَى.

  ومن عجيب الزيغ وغريب الخذلان أنَّه في موضعٍ له آخر شَرَعَ في اغتياب بعضِ الأَئِمَّةِ الذين فَرَضَ اللَّهُ تعالى طاعَتَهم عَلَى الأمة، وما بلغ به ذلك إلَّا أَنْ كَشَفَ اللَّهُ تعالى قناع تقشفه، حيث تَنَزَّهَ عَن سَبِّ مَنْ سَبَّ اللَّهَ سبحانه بإضافة القبائح إليه، ثم وَقَعَ فيمن أَوْجَبَ اللَّهُ تعالى مودَّتَهُم عليه.

  فأمَّا الأئمةُ فلم يَضرهم مَنْ هو أبسطُ لسانًا، وأَشَدُّ أركانا.

  وَإِنْ يَنْبَحُوا سَادَاتِ آلِ مُحَمَّدٍ ... فَهَلْ قَمَرٌ مِنْ نَبْحَةِ الكَلْبِ وَاجِمُ⁣(⁣٢)

  وقد كَفَانَا نفسَه بجرأته على اللَّهِ تعالى، وخَوْضِهِ فيما لا يَعْلَم، ولولا وجوبُ رَفْعِ ما قد يقع عَلَى الجاهل به التغريرُ لكان جديرًا أَن لا يَجريَ بالخوض في هَذَيَانِهِم قلمٌ ولا تصدير، أَطنين أجنحة الذباب تضير؟

  ولكن قد ابتلي مَن هو فوقنا بمن هو دونهم.


(١) عطف على قوله الاعتراض على رسول الله ÷.

(٢) للسيد الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير @ من قصيدته الذائعة الصيت التي أولها:

أَقَاوِيلُ غَيٍّ في الزَّمَانِ نَوَاجِمُ ... وَأَوْهَامُ جَهْلٍ بِالضَّلَالِ هَوَاجِمُ

وقد شرَحَها بكتابه المسمى (نهاية التنويه) مطبوع ضمن مطبوعات (مكتبة أهل البيت (ع)).