رفع الملام في رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام
  الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ؛ لِمُخَالَفَتِهَا لِلْمَعْلُومِ، وَهْوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَنَهَى عَنْهُ فَي خَفْضٍ وَرَفْعٍ)، وَهَذَا يُفِيدُ بِمَفْهُومِهِ عَدَمَ النَّهْيِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ إِلَّا فِي الأُولَى.
  إِذَا عَرَفْتَ هَذَا، فَرَفْعُ اليَدَيْنِ عِنْدَ التَّكْبِيرَةِ الأُولَى هُوَ مَذْهَبُ أَعْلَامِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِم الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: الإِمَامِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدَ بْنِ عِيسَى، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، وَالْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى، وَالنَّاصِرِ الأُطْرُوشِ، وَالْمُؤيَّد بِاللَّهِ، وَإِنْ ذَكَرَ النَّسْخَ هُنَا فَهْوَ لَا يَقُولُ بِهِ لِمَذْهَبِهِ، وَقَدْ أَلْمَحَ لِلْمُتَأَمِّلِ بِقَوْلِهِ: (عِنْدَ التَّكْبِيرَاتِ)(١) أَي كُلِّهَا لَا بَعْضِهَا، وَإِنْ رَجَعَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ إِلَى الأُولَى فَقَدْ صَحَّحَ رِوَايَةَ الرَّفْعِ.
  وَاسْتِدْلَالُهُ(٢) بِقَوْلِهِ: (ثُمَّ لَمْ يَعُدْ) فِي غَايَةِ الضَّعْفِ؛ إِذْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَعُدْ فِي سَائِرِ التَّكْبِيرَاتِ، كَمَا هُوَ الصَّرِيحُ فِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ: (ثُمَّ لَا يَرْفَعُهُمَا حَتَّى يَقْضِيَ صَلَاتَهُ).
  وَلَا يَخْفَى عَلَى الإِمَامِ # سُقُوطُ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ يُورِدُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقُولُ بِهِ.
  نَعَم، وَالرَّفْعُ فِي الأُولَى هُوَ مَذْهَبُ جَدِّهِ الإِمَامِ القَاسِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ $، فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْهُ، وَهْوَ الْمُلَازِمُ لَهُ مُدَّةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَهْوَ الَّذِي يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: «يُكْرَهُ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي رَفْعٍ وَخَفْضٍ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الأُولَى»، وَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ ÷ نَهَى عَنْ ذَلِكَ(٣) - إِثْبَاتٌ لَهُ فِيهَا.
  وَتَقْيِيدُ النَّهْيِ بِالرَّفْعِ وَالْخَفْضِ رِوَايَةٌ لِثُبُوتِهِ بِالْمَفْهُومِ فِي غَيْرِهِمَا.
(١) الذي سَبَقَ ذكره، وهو قوله #: فَأَمَّا الأَخْبَارُ الوَارِدَةُ فِي رَفْعِ اليَدَيْنِ عِنْدَ التَّكْبِيْرَاتِ ...
(٢) أي استدلال الإمام المؤيد بالله # بقوله: (ثُمَّ لَمْ يَعُدْ) على النسخ. شرح التجريد (١/ ٤١١).
(٣) رواه محمد بن منصور المرادي ¥ في أمالي الإمام أحمد بن عيسى @ (١/ ٢٣٦) (مع رأب الصدع)، ورواه عنه الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد @ في كتابه الاعتصام بحبل الله المتين (١/ ٣٥٦).