الجوابات المهمة من مسائل الأئمة
  وَقَدْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يُفْتِيَانِ النَّاسَ بِالْخُرُوجِ مَعَ أَئِمَّةِ أَهْلِ البَيْتِ $، وَلَا يَعْتَبِرَانِ بَيْعَةَ الظَّلَمَةِ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمَا الْمُوَالِفُ وَالْمُخَالِفُ.
  قَالَ السّيُوطِيُّ فِي كِتَابِهِ (تَارِيخِ الْخُلَفَاءِ) (صفحة - ٢٤٣)(١):
  «وَفِي سَنَّةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ(٢) كَانَ خُرُوجُ الأَخَوَيْنِ مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ ابْنِي عَبْدِاللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
  إِلَى قَوْلِهِ: وَآذَى الْمَنْصُورُ خَلْقًا مِنَ العُلَمَاءِ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَهُمَا، أَوْ أَمَرَ بِالْخُرُوجِ قَتْلًا وَضَرْبًا وَغَيْرَ ذَلِكَ، مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ(٣)، وَابْنُ عَجْلَانَ(٤).
  وَمِمَّنْ أَفْتَى بِجَوَازِ الْخُرُوجِ مَعَ مُحَمَّدٍ عَلَى الْمَنْصُورِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ |، وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ فِي أَعْنَاقِنَا بَيْعَةً لِلْمَنْصُورِ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا بَايَعْتُمْ مُكْرَهِينَ، وَلَيْسَ عَلَى مُكْرَهٍ يَمِينٌ». انتهى.
  وَكَذَا أَئِمَّةُ أَهْلِ البَيْتِ $ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ دَعَا الإِمَامُ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ @ الأُمَّةَ قَاطِبَةً إِلَى القِيَامِ مَعَهُ مَنْ بَايَعَ، وَمَنْ لَمْ يُبَايِعْ.
  وَكَذَا أَئِمَّةُ أَهْلِ البَيْتِ مِنْ بَعْدِهِ. وَلَعَلَّ هَذَا إِجْمَاعُ الأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ.
  وَمَنْ مَنَعَ الْخُرُوجَ عَلَى الظَّلَمَةِ بَعْدَ اسْتِحْكَامِ أَمْرِهِمْ فَلَمْ يَمْنَعْ لأَجْلِ البَيْعَةِ، بَلْ لِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ فِي نَظَرِهِ مِنَ الفِتْنَةِ.
  وَقَدْ أَجْمَعَ آلُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِم الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَفُضَلَاءُ الأُمَّةِ عَلَى خِلافِ ذَلِكَ، مُسْتَنِدِينَ إِلَى الآيَاتِ القُرْآنِيَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ عَلَى الإِطْلَاقِ، وَنَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَنَالُ عَهۡدِي ٱلظَّٰلِمِينَ ١٢٤}[البقرة]، {وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلۡمُضِلِّينَ عَضُدٗا ٥١}[الكهف]، {وَلَا تَرۡكَنُوٓاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ}[هود: ١١٣].
(١) وفي (ص/٢١٠) من طبعة (دار الكتب العلمية).
(٢) بعد المائة.
(٣) انظر ترجمته في (سير أعلام النبلاء) (٧/ ٢٠)، ط: (الرسالة) للذهبي.
(٤) انظر ترجمته في (السِّيَر) (٦/ ٣١٧) للذهبي.